للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوبتُه وكلِّ كافرٍ إتيانُه بالشهادتين، ولا تقبلُ ممَّن سبَّ اللهَ، أو تكرَّرت رِدَّته، ولا بدَّ من إقرارِ جاحدٍ بفرضٍ ونحوِه مع الشهادتين، أو قولِه: أنا بريءٌ من كلِّ دينٍ يخالفُ دينَ الإسلامِ.

ولا يحرقُ بالنارِ. ولا يقتلُه إلَّا الإمامُ أو نائبُه، فإن قتلَه غيرُهما بلا إذنٍ، أساءَ وعُزِّرَ ولا ضمانَ، ولو قبلَ استتابتِه، إلَّا أن يَلحقَ بدارِ الحربِ، فلكلِّ أحدٍ قتلُه وأخذُ ما معه.

(وتوبتُه) أي: المرتدِّ (و) توبةُ (كلِّ كافرٍ إتبانُه بالشَّهادتين) أي: قوله: أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، وأشهدُ أن محمدًا رسولُ اللهِ؛ لحديثِ ابنِ مسعودٍ: أن النبيَّ دخلَ الكنيسةَ، فإذا هو بيهوديٍّ يقرأ عليهمُ التوراةَ، فقرأَ حتَّى أتى على صفةِ النبيِّ ، فقال: هذه صفتُك وصفةُ أمَّتك، أشهدُ أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّك رسولُ اللهِ. فقال النبي : "لُوا أخاكم" رواهُ أحمدُ (١). وإذا ثبتَ بهما (٢) إسلامُ الكافرِ الأصليِّ، فكذا المرتدُّ. وأمَّا تفسيرُ الإسلامِ في حديثِ جبريلَ بالأمورِ الخمسةِ، فبيانٌ لأصولِ الإسلامِ التي تتضمَّنُها الشهادتان إجمالًا؛ وإلَّا، فالإسلامُ اسمٌ لكلِّ ما أمرَ اللهُ به ونهى عنه، كما حقَّقه الحافظُ ابنُ رجب في "شرح الأربعين النَّوَوِيَّة" (٣).

(ولا تُقبلُ) في الدنيا توبة (ممَّن سَبَّ اللهَ) تعالى صريحًا؛ لعظمِ ذنبِه. وكذا مَن سبَّ رسولًا أو مَلَكًا للهِ تعالى صريحًا، أو تَنَقصَهُ (أو تكرَّرت (٤) رِدَّتُه) لأنَّ تكرارَ رِدَّتِه يدلُّ على فسادِ عقيدتِه.

(ولا بُدَّ) في توبةِ مَن تصحُّ توبتُه (من إقرارِ جاحدٍ بفرضٍ ونحوِه) كتحليلٍ وتحريمٍ (مع الشهادتين، أو قولِه: أنا بريءُ من كلِّ دينٍ يخالفُ دِينَ الإسلامِ) فهو توبةٌ للمرتدِّ ولكلِّ كافرٍ.


(١) في "مسنده" (٣٩٥١)، والطبراني في "الكبير" (١٠٢٩٥). وأورده الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٢٣١ وقال: رواه أحمد والطبراني، وفبه عطاء بن السائب، وقد اختلط. وضعَّفه الألباني في "الإرواء" ٨/ ١٣٤.
(٢) في الأصل و (م): "بها".
(٣) ١/ ٩٨ وما بعدها عند شرحه للحديث.
(٤) في الأصل: "كررت".