للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُكرَه لصائمٍ بعدَ الزَّوالِ (١).

(ويكره) التّسَوُّكُ (٢) (لصائمٍ) ولو واصَلَ (٣) الصوم (٤) (بعد الزوالِ) بيابسٍ أو رَطْبٍ؛ لحديث أبي هريرة يَرفعُه: "لَخَلُوفُ فَمِ الصائمِ أطيبُ عندَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ" متفق عليه (٥). وهو إنَّما يَظهر غالبًا بعد الزوالِ، فاختصَّ الحكمُ به.

فإن قيل: لِمَ وصَف دمَ الشَّهيدِ بريحِ المسكِ بلا زيادةٍ، وخلوف فمِ الصائمِ بأنَّه أطيبُ رِيْحًا منه، مع أنَّ الجهادَ أفضلُ مِن الصومِ؟

أجيب: بأنَّ الدَّمَ نَجِسٌ؛ فغايتُه أنْ يرفعَ إلى أنْ يَصيرَ طاهرًا، بخلافِ الخلوفِ.

ويستحبُّ غسلُ ما على السواكِ بسبب التسوُّكِ، وإنْ كان بسواك غيره.

وذكر في "الرعاية" أنَّه يقولُ عند التَسوُّكِ: اللهمَّ طهِّر قلبي، ومحِّصْ ذنوبي. مصنِّف (٦).

(فاختصَّ الحكمُ به) ولأنَّه أثرُ عبادةٍ مستطابٌ شرعًا، فتُستحَبُّ استدامتُه كما ينبغي استدامةُ دمِ الشهيد، فإنَّ اللونَ لونُ الدم، والريحَ ريحُ المسك (فإن قيل … إلخ) حاصلُ الإيرادِ على الحديث الشريف أنَّه وصفَ خلوفَ فمِ الصائمِ بأنَّه أطيبُ من ريحِ المسك، ودمَ الشهيدِ بريح المسك، مع أنَّ الجهادَ أفضلُ، فكانَ القياسُ أن يكونَ دمُ الشهيدِ أطيبَ من ريحِ المسك، وحاصلُ الجواب: أنَّ خلوفَ فمِ الصائمِ كانَ كذلكَ لطهارتِه في الأصل، بخلافِ دمِ الشهيد. (بخلاف الخلوف) فإنَّه طاهرٌ في الأصل، وقد نقل المفسرون في تفسير قوله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف: ١٤١] أنَّه رُويَ أنَّ موسى وَعد بني إسرائيلَ أنْ يأتيَهم بعدَ مهلِك فرعون


(١) في الأصل: "الصلاة" وهو خطأ، والمثبت موافق لما في "هداية الراغب".
(٢) في الأصل و (س): "التسويك".
(٣) ليست في (م)، وفي (س): "مواصلًا".
(٤) ليست في (س).
(٥) البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١) (١٦٣).
(٦) "كشاف القناع" ١/ ٧٤.