للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رجَّح السيوطيُّ (١) ومَن تبعَه الأوَّلَ (٢)، وأفتى الرمليُّ (٣) بالثاني، وهو المعتمدُ؛ لظاهر الآياتِ الدَّالَّة على ذلك، كقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وهم قومُ لوط ﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات:٣٥ - ٣٦] وغيرِها مِن الآياتِ.

وأما الإيمانُ هل هو مخلوقٌ (٤)؟

نُقل عن جماعةٍ القولُ بخَلْق الإيمانِ (٥)؛ لأنَّه عملٌ، قال اللهُ تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] والحقُّ كما أجابَ به الشهابُ البُلْقينيُّ (٦) بقوله: ما فيه مِن قولٍ وعملٍ، مخلوقٌ، وما فيه مِن الاعتقادِ، فيفصَّل فيه، فما كان باكتسابِ العبدِ تعلُّمًا، مخلوقٌ، وما كان مِن الفيض النوريِّ الإلهي المستقرِّ مِن عالَم الأَزَلِ إلى حينِ الوفاةِ، ليس بمخلوقٍ؛ لامتزاجِهِ بآثارِ الكلامِ النفسيِّ المقدَّس، كما أَلْهَمنا النطقَ بالقرآنِ وليس بمخلوقٍ.

وأما زيادةُ الإيمانِ ونقصانُه، فإنه يزيدُ بالطاعةِ، وَينقُص هو وثوابُه بالعِصيانِ، وَيقوى


(١) هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، السيوطي، الشافعي، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة، منها: "الإتقان في علوم القرآن"، و"آداب الفتوى"، و "الإشباه والنظائر"، وغير ذلك كثير. (ت ٩١١ هـ). "الضوء اللامع" للسخاوي ٤/ ٦٥، و "شذرات الذهب" لابن العماد ١٠/ ٧٤.
(٢) "الحاوي للفتاوي" للسيوطي ٢/ ٢١٣.
(٣) هو: شمس الدين، محمد بن أحمد بن حمزة، الرملي، المنوفي، المصري، الشهير بالشافعي الصغير، ألَّف التآليف النافعة منها: "شرح المنهاج" و"شرح البهجة الوردية" وغيرهما. (ت ١٠٠٤ هـ). "خلاصة الأثر" للمحبي ٣/ ٣٤٢، و"الأعلام" للزركلي ٦/ ٧.
(٤) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: السلف والأئمة الإمام أحمد وغيره منعوا من إطلاق القول بأن الإيمان مخلوق "مجموع الفتاوى" ٨/ ٤٢٣، ونقل عن العلماء أن إطلاق القول في هذه المسألة بدعة. ٥/ ٧٨، ٨٥ و ٧/ ٥١٠.
(٥) "الفقه الأكبر" لأبي حنيفة ص ٧٨ مع شرحه لعلي القاري، و "شرح العقيدة الطحاوي" لابن أبي العز ٢/ ٦٣٩ وما بعدها.
(٦) هو: شهاب الدين، أحمد بن محمد بن أبي بكر، الشافعي، اشتغل بالقراآت والعربية. (ت ٨٣٨ هـ). "الضوء اللامع" للسخاوي ٢/ ١٠٢ و"شذرات الذهب" لابن العماد ٩/ ٣٢٨.