للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اغتسلَ له،

انحبسَ بنفسه (اغتسلَ) وجوبًا (له) أي: للانتقال؛ لأن أصلَ الجنابة البُعد، ومع الانتقال، قدْ باعد الماءُ محلَّه. ويثبتُ بانتقال مَنيٍّ -ومثلُه حيضٌ- حكمُ بلوغٍ من وجوبِ نحوِ صلاة، وحكمُ فطرٍ من صومٍ، بنحوِ قُبلة وغيرِهما، كوجوب بَدَنة في الحج حيثُ وجبتْ؛ لخروج مَنيٍّ. وفي "شرح المنتهى": كفسادِ نُسُك (١)

الرجلُ بانتقال منيِّه، فحبسَه، ولم يخرج، وجبَ عليه الغُسْلُ بمجرَّدِ إحساسِه بانتقاله عن صُلْبه، والمرأةُ بانتقالِه عن ترائِبِها؛ لأنَّ الجنابةَ تباعدُ الماءِ عن محلِّه، وقد وجِد، فتكونُ الجنابةُ موجودةً، فيجبُ بها الغُسْلُ؛ لأنَّ الغُسْلَ يُراعَى فيه الشهوةُ، وقد حصلَت بانتقالِه، والقولُ بوجوبِ الغسلِ بانتقالِ المنيِّ من المفردات. وعدَّ صاحبُ "المنتهى" (٢) موجبات الغسل سبعةً: أوَّلُها: انتقالُ المنيُّ، وعن أحمد روايةٌ أخرى أنه لا يجبُ الغُسْل حتَّى يخرجَ المنيُّ، وعلى المذهبِ لو اغتسلَ لانتقالِ المنيِّ قبلَ خروجِه، ثم خرجَ بعدَ الغُسْل، قال في "المبدع": وكذا لو اغتسلَ لمنيٍّ خرجَ بعضُه، ثمَّ خرجت بقيَّتُه، فلا يعادُ غُسْلٌ له بخروجِه بعدَه بغيرِ شهوةٍ؛ لأن وجوبَ الغُسْلِ تَعلَّقَ بانتقالِ منيٍّ، وقد اغتسلَ له، فلم يجب عليه غسلٌ ثانٍ لبقيَّة المنيِّ إذا خرجت البقيَّة بعد الغسل، على المشهور الذي عليه الجمهور، ولأنَّه جنابةٌ واحدةٌ، فلم يجبْ له غُسْلان، كما لو خَرجَ دفقةً واحدةً؛ لأنَّه خارجٌ لغيرِ شهوةٍ، وإنما يلزمُه الوضوءُ فقط. وكذا لو خرج منيُّه من فرجِها بعدَ غُسْلِها فلا غسلَ عليها، وعليها الوضوءُ.

قال ابنُ حمدان: أو خرجَ ما دخلَ فرجَها من منيِّ امرأة بسحاقٍ، فإنَّه لا يجب عليها الغُسْلُ، على المنصوص، وعلى المذهب أيضًا، وهو وجوب الغُسْلِ.

وانتقالُ المنيِّ يثبتُ به حكمُ بلوغٍ، وفِطْرِ، وغيرهما، كوجوبِ كفَّارَةٍ فيما لو باشرَ دونَ


(١) "معونة أولي النهى شرح المنتهى" ١/ ٣٨٦.
(٢) "منتهى الإرادات" ١/ ٢١ - ٢٢.