للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لاختيارِه الأوَّلَ، إذ هو اختيارُ أكثرِ العلماءِ، قال الفَخْرُ الرازيُّ (١): وهو الأقربُ عندي؛ لأعظميَّة (٢) مدلولِه الذي هو الذاتُ الأَقْدس.

الوجه الرابع: في الرَّحمن الرحيم، وفيه بحثان: الأوَّل: نوعًا واشتقاقًا. الثاني: في حِكمة تقديمِ الرَّحمنِ على الرحيمِ، ثم إنَّ الشارحَ قد تكفَّل بشرح ذلك.

"تنبيه": إنْ قلتَ: لِمَ قدَّم البسملةَ على الحمدلةِ؟ ولمَ قال: بسمِ اللهِ، ولم يَقُل: باللهِ؟ ولمَ قدَّم لفظَ اللهِ على الرحمنِ؟ ولمَ قدَّم الرحمنَ على الرحيمِ؟ ولمَ حذَف الألِفَ مِن الرحمنِ؟ ولم يحذف الياءَ مِن الرحيمِ؟

الجواب عن ذلك: قُدِّمت البسملةُ على الحمدلةِ؛ اقتداءً بالكتاب العزيزِ والأحاديثِ المشهورَةِ (٣). وقال: بسم الله، ولم يقل: بالله، تجوُّزًا مِن إيهامِ القسمِ.

وقدَّم اللهَ على الرحمنِ؛ لأنَّه اسمُ ذاتٍ؛ والرحمنُ اسمُ صفةٍ، واسمُ الذاتِ مقدَّمٌ على اسمِ الصفاتِ.

وقدَّم الرحمنَ على الرحيمِ؛ لأنَّ الرحمنَ خاصٌّ، والرحيمَ عامٌّ، والخاصُّ مقدَّمٌ على العامِّ.


(١) هو: فخر الدين، أبو عبد الله، محمد بن عمر بن الحسين، القرشي، الأصولي، المفسر، المتكلم، صاحب المصنفات المشهورة، منها: "التفسير الكبير"، و "المحصول"، و"لوامع البينات في تفسير الأسماء والصفات" ذكره في "تفسيره" ١٥/ ٦٦. (ت ٦٠٦ هـ). "سير أعلام النبلاء" ٢١/ ٥٠٠، و "طبقات المفسرين" للداودي ٢/ ٢١٣ - ٢١٤. ولم نقف على كللامه في "تفسيره" ولعله في كتابه: "لوامع البينات في تفسير الأسماء والصفات".
(٢) في الأصل: "لأعظميته".
(٣) منها قوله : "كل أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم، فهر أبتر". أخرجه الخطيب البغدادي في كتابه "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (١٢٣٢) عن أبي هريرة ، وضعَّفه ابن حجر في "نتائج الأفكار" ٣/ ٢٨١. وسيأتي ص ٣٩ - ٤٠.