للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن أَنْقت، وإلَّا، فحتَّى تنقى بماءٍ طَهورٍ

ويعتبرُ في كَلِّ غَسْلَةٍ أنْ تستوعِبَ المحلَّ، ويُحسبُ العددُ من أوَّل غسلةٍ، وتكفي السبعُ (إنْ أَنقت) النجاسةَ وأَذْهَبَتْها (وإلَّا) تُنْقِ النجاسَةَ (فـ) يزيدُ على السبع (حتى تنقى) أي: إلى أنْ تذهبَ النَّجاسَةُ.

ولابدَّ أنْ تكونَ كلُّ غَسلةٍ من السبع فما فوقها (بماءٍ طهور) لحديثِ أسماءَ قالت:

الخُفِّ، وأسفلِ الحذاءِ، فقياسًا على الرِّجْل، وأما ذيلُ المرأةِ، فقياسًا على غسلِ بقيَّةِ الثوبِ. قال البهوتي؛ إنَّما نصَّ على هذه الثلاثة في "المنتهى" (١)، وتبعَه الشارحُ؛ إشارةً إلى محلِّ الخلافِ فيها؛ لأنَّ من الأئمةِ من قال أنَّه يكفي في أسفلِ خُفٍّ والنعلِ الدلكُ بالأرضِ، وأنَّه يُعفَى عن ذيلِ المرأةِ؛ للحرجِ والمشقَّةِ. وأمَّا نفسُ الخُفِّ، والحذاءِ، وثوبِ المرأة، فوجوبُ تطهيرِها محلُّ وفاقٍ، فلم يحتج إلى التنبيهِ عليها. انتهى كما نصَّ عليه. (لحديث أسماءَ) بنتِ أبي بكرٍ الصديق، أمِّ عبد الله بن الزبير، من المهاجراتِ، وكانت تُسمَّى ذاتَ النطاقينِ؛ لما ذُكِر في حديثِ الهجرةِ (٢)، أسلمت بعدَ سبعةَ عشرَ إنسانًا فيما قالهُ ابنُ إسحاق (٣)، وهاجرت [وهي حاملٌ] (٤) بابنِها عبد الله، وكانت عارفةً بتعبيرِ الرؤيا، حتى قيل: أخذَ ابنُ سيرينَ التعبيرَ عن ابنِ المسيِّب، وأخذَهُ ابنُ المسيّبِ عن أسماءَ، وأخذته أسماءُ عن أبيها (٥)، وهي آخر المهاجرات وفاةً، توفيت في جمادى الأوَّل من سنة ثلاث وسبعين بمكَّة، بعد ابنها عبد الله بأيامٍ. بلغت مئةً، لم يسقطْ لها سِنُّ، ولم يُنْكَر عقلٌ، لها في البخاريِّ ستَّة عشر حديثًا (٦).


(١) ١/ ٣٠.
(٢) يشير إلى الحديث الطويل الذي أخرجه البخاري (٣٩٠٥)، وأحمد (٢٥٦٢٦) من حديث عائشة .
(٣) ينظر "سيرة" ابن هشام ١/ ٢٥٢ - ٢٥٤.
(٤) زيادة يقتضيها السياق. ينظر "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٢٨٨، و "الإصابة" ١٢/ ١١٤.
(٥) ينظر "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٢٩٣.
(٦) كذا ذكر الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" ص ٤٧٦.