للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسلكَ أبعدَهما، أو ذَكَرَ صلاةَ سفرٍ آخَرَ، أو حُبِس لنحوِ مطرٍ، ولمْ يَنْوِ إقامةً، أو أقام لقضاءِ حاجةٍ بلا نيَّتها، قَصَرَ.

يبلغُها (فسلك أبعدَهما) الذي يبلغُ المسافة، فله القَصْر، كما لو لم يكنْ له سِواها، أو كان الأقربُ مخوفًا، أو مُشِقًّا.

(أو ذكر) مسافرٌ (صلاةَ سفرٍ) بسفر (١) (آخرَ) تُقصرُ فيه الصَّلاةُ، فله قصرُها؛ لأنَّ وجوبَها وفعلَها وجدا في السَّفر المبيح؛ أشبَهَ ما لو أدَّاها فيه، أو قضاها في سفرٍ تَرَكَها فيه، فإن ذكرها في إقامةٍ تخلَّلت السفرَ، ثمَّ نسيَها حتى سافر، أتمَّها.

(أو حُبس) ظلمًا، أو (لنحوِ مطرٍ) كثلجٍ وبَرَدٍ، أو لمرضٍ (ولم ينو إقامةً) تمنع القَصْر -لولا المانع- فله القصرُ ما دام حَبْسُه بذلك؛ لأنَّ ابن عمرَ أقام بأذْرَبيجان (٢) ستَّةَ أشهر يقصرُ الصَّلاةَ، وقد حال الثلجُ بينه وبينَ الدخول. رواه الأثرمُ (٣). وقيس عليه الباقي.

ومَنْ قَصَر المجموعتَين بوقتِ أُولاهما سفرًا، ثمَّ قدم قبلَ دخول وقتِ ثانيةٍ، أجزأه، كمن جَمَعَ بينهما (٤) كذلك بتيمُّم، ثمَّ وجد الماء وقتَ ثانيةٍ (أو أقام لقضاءِ حاجهٍ) كاستيفاءِ دَين، أو لجهاد (بلا نيَّتها) أي: الإقامةِ، وهو لا يدري متى تنقضي، (قَصرَ) سواءٌ غلب على ظنَّه كثرةُ الإقامةِ أو قلَّتُها، بعد أن يحتمل انقضاءُ الحاجة في مدَّةٍ لا تقطعُ حُكمَ السَّفر، فلو ظنَّ أنَّها لا تُقْصَر في أربعة أيَّام، لَزِمه الإتمامُ.


(١) في (م): "لسفر".
(٢) أذْرَبيجان: تقع في الإقليم الخامس، ومن أشهر مدنها: تبريز. "معجم البلدان" ١/ ١٢٨ - ١٢٩، وتقع الآن شمالي ايران بالقرب من بحر قزوين كما في "أطلس تاريخ الإسلام" لمؤنس ص ٤٢٧.
(٣) لعله في "سننه" ولم تطبع، وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (٤٣٣٩)، والبيهقي ٣/ ١٥٢، وهو عند أحمد (٥٥٥٢) بنحوه. وصحَّح إسناد البيهقي الحافظُ ابنُ حجر في "التلخيص الحبير" ٢/ ٤٧.
(٤) في (م): "بينها".