للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا على غائبٍ عن البلدِ، بالنِّيَّةِ.

الصَّحيحين من حديثِ أبي هريرةَ وابن عبَّاس: "أن النَّبيَّ صلَّى على قبرٍ" (١) وعن سعيدِ بنِ المسيِّب: "أن أمِّ سعدٍ ماتت والنَّبيُّ غائبٌ، فلمَّا قَدمَ، صلَّى عليها وقد مضى لذلك شهرٌ" رواه الترمذي ورواتُه ثقاتٌ (٢). قال الإمامُ أحمد (٣) : أكثرُ ما سمعت هذا (٤). وتحرُمُ بعدَه ما لم تكن زيادةً يسيرةً.

(وكذا) يُصلّي (على غائبٍ عن البلدِ) ولو دونَ مسافةِ قصرٍ، أو في غيرِ قبلتهِ (٥)، فنجوزُ صلاةُ الإِمامِ والآحادِ عليه (بالنِّيَّةِ) إلى شهرٍ من موتِه؛ لصلاتِه على النَّجاشيِّ، كما في المتَّفقِ عليه عن جابر (٦)، وكذا غَريق وأسِير ونَحوهما، وإنْ وجِدَ بعضُ ميِّتِ لم يُصلَّ عليه، فككُلِّه، إلَّا الشَّعرَ والظُّفرَ والسِّنَّ، فيغسلُ، ويكفَّنُ، ويصلَّى عليه، ثُمَّ إنْ وجدَ الباقي، فكذلكَ، ويدفنُ بجنبهِ. وإلَّا بأن كان صُلِّيَ على أكثرِ الميِّتِ، لم تجبِ الصَّلاةُ على بعضِه الباقي، بل تُسَنُّ، ووجبَ تغسيلُه وتكفينُه. ولا يُصلَّى على مأكولٍ ببطنِ آكلٍ، ولا مستحيلٍ ونحوه، ولا على بعضِ حيٍّ مدَّةَ حياتِه.

ولا يُسَنُّ للإمامِ الأعظمِ وإمامِ كلِّ قريةٍ -وهو واليها في القضاءِ- الصَّلاةُ على غالٍّ (٧)، وقاتلٍ نفسِه عمدًا.


(١) حديث أبي هريرة عند البخاري (٤٥٨)، ومسلم (٩٥٦)، وهو عند أحمد (٨٦٣٤) أن امرأةً سوداءَ، كانت تقمُ المسجد -أو شابًا- ففقدها رسول الله ، فسأل عنها -أو عنه- فقال: "دلُّوني على قبرهِ"، فدلُّوه، فصلَّى عليها.
وحديث ابن عباس عند البخاري (١٣١٩)، ومسلم (٩٥٤)، وهو عند أحمد (١٩٦٢)، أن رسول الله صلَّى على صاحب قبرٍ بعدما دفن. لفظ أحمد.
(٢) "سنن" الترمذي (١٠٣٨) قال الحافظ في "التلخيص الحبير" ٢/ ١٢٥: ورواه البيهقي [٤/ ٤٨] وإسناده مرسل صحيح، ثم أخرجه من طريق عكرمة عن ابن عباس في حديث، وفي إسناده: سويد بن سعيد.
(٣) في رواية ابنه صالح عنه ٣/ ٥٨ رقم: (١٣٣٥). وهو بنحوه في "سنن" الترمذي ٣/ ٣٥٦.
(٤) جاء في هامش (س) ما نصه: "أي: امتداد الصلاة عليه إلى شهر. انتهى تقرير".
(٥) في (م): "قبلة".
(٦) سلف ص ٢٤١.
(٧) جاء في هامش (س) ما نصه: "الغالُّ -بالغين المعجمة-: هو من -رأى شيئًا من الغنيمة وستره. انتهى تقرير".