للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا إمكانُ أداءٍ، وهي كالدَّينِ في الترِكَة.

يفرِّط، كدين الآدميّ، إلَّا إذا تَلِف زَرعٌ أو ثمرٌ بجائحةٍ (١) قبل حصادٍ وجذاذ (٢).

(ولا) يُعتبَر لوجوبها أيضًا (إمكانُ أداءٍ) كسائرِ العبادات، فإنَّ الصَّومَ يجبُ على المريض والحائض، والصَّلاةَ تجبُ على المُغمَى عليه والنَّائم، فتجبُ في دينٍ، ومالٍ غائب ونحوه، كما تقدَّم، لكن لا يلزمُه الإخراجُ قبلَ حصوله بيده.

(وهي) أي: الزكاةُ إذا ماتَ مَن وجبتْ عليه (كالدَّين في الترِكَة) لقوله : "فدَينُ الله أحقُّ بالوفاء" (٣)، فإنْ وَجَبَتْ، وعليه دينٌ برهنٍ وضاقَ المالُ، قُدِّم، وإلَّا، تَحاصَّا (٤)؛ للتَّزاحُم، كديون الآدميِّين.

قال المصنِّفُ في "شرح المنتهى" (٥): قلتُ: مقتضى تَعَلُّقِها بعينِ المال، تقديمُها على دَينٍ بلا رهنٍ. انتهى.

قلت: كلٌّ من الزكاةِ ودين الآدميّ يتعلَّق بالمال بعد الموت، ولذلكَ نصُّوا على أنَّ تَعَلُّق الزكاةِ بالنِّصابِ، كَتعلُّق الدَّين بالتركة، كما ذكَره المصنِّفُ نفسُه في "شرح الإقناع" (٦)، فلا فرقَ بين الزكاةِ والدِّين بلا رهنٍ، فلذلك يتحاصَّان، كما مَشَى عليه في "المنتهى" و"الإقناع" (٧).

أمَّا الدَّينُ بالرهن فتعلُّقه بالرَّهنِ أقوى منهما، فلا إِشكالَ، والله أعلم. ويقدَّم على ذلك نذرٌ معيَّن وأضحيةٌ معيِّنة.


(١) الجائحة: الآفة، يقال: جاحت الآفة المال، إذا أهلكته. "المصباح المنير" (جوح).
(٢) هو القطع. حكى ابن سيده فيه فتح الجيم وكسرها، وأنه يقال بالذال والدال في النخل وغيره. "المطلع" ص ١٣٢.
(٣) سلف ص ٢٦٢.
(٤) تحاصَّ الغرماءُ: اقتسموا المال بينهم حصصًا."المصباح المنير" (حصص).
(٥) ٢/ ١٩٢.
(٦) "كشاف القناع" ٤/ ٣٤٢ بنحوه.
(٧) "منتهى الإرادات" ١/ ١٢٤، و"الإقناع" ١/ ٣٩٦.