للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يمنعُهَا دَينٌ إلَّا مع طلبٍ. فيُخرِجُ عن نفسه وعمَّن يَمُونه حتى من تبرَّع بمؤونتِه رمضان، فإنْ لم يَجِد لجميعهم، بدأَ بنفسه، فزوجتِه، فرقيقه، فأُمِّه، فأبيه،

ولا يُعتَبرُ لوجوبِها مِلْكُ نصاب.

وإن فَضَل بعضُ صاعٍ، أَخْرَجَه.

(ولا يَمنعُ) وجوبَـ (ـها ديْنٌ) لأنَّها ليستْ واجبةً في المال (إلَّا مع طَلَبِ) الدَّينِ، فيُقدَّم عليها؛ لأنَّه أهمُّ.

(فيُخرِجُ) زكاةَ الفِطر (عن نفسه) لما تقدَّم (وعمَّن) أي: عن مُسْلمٍ (يَمُونُه) أي: يقومُ بمؤُونَتِه، أي: نفقته، من زوجةٍ، وقريبٍ، وخادمِ زوجةٍ، إنْ لزمته مؤونته، وزوجةِ عبده، وقريبهِ الذي يلزمُه إعفافه؛ لعمومِ قوله : "أدُّوا الفِطْرة عمن تَمونون" (١) فتلزمُه عنْ كلِّ منْ يَمُونه (حتى) فطرةُ (من) أي: شخصٍ (تبرَّع بمؤونته) جميعَ (رمضان) فتلزم المتبرِّعَ؛ لعمومِ الحديث السابق، بخلافِ ما لو تبرَّعَ بها بعضَ الشهر. ولا تلزمُه فِطرَةُ كافرٍ يَمُونه، ولو عبدًا، ولا أجيرٍ وظِئْرٍ استأجرَهُما بطعامهما، ولا من وجبتْ نفقتُه في بيت المال، كلقيطٍ.

(فإنْ لم يَجِدْ) مُخرِجُ فطرةٍ (لجميعِهم) أي: لجميع من تلزمه فطرتُه (بَدَأ بنفسه) لأنَّ نفقةَ نفسِه مقدَّمة، فكذا فطرتُها (فزوجَته) لوجوبِ نفقتها مطلقًا (٢)، ولتأكُّدِها؛ لأنَّها معاوضةٌ (فرقيقه) لوجوب نفقَته مع الإعسار، ولو مرهونًا، أو مغصوبًا، أو غائبًا، أو لتجارةٍ، (فأمِّه) لتقديمها في البِرِّ (فأبيه) لحديث: مَن أَبرُّ يا رسول الله؟ (٣).


(١) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٢٠٧٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٤/ ١٦١ عن ابن عمر . قال الدارقطني: رفعه القاسم، وليس بقويٍّ، والصواب موقوف. وقال البيهقي: إسناد. غير قوي. وأخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ١٧٢، والدارقطني (٢٠٧٩) عن ابن عمر موقوفًا.
(٢) جاء في هامش (س) ما نصُّه: "قوله: مطلقًا. أي: حال الإعسار والإيسار. انتهى. تقرير".
(٣) أخرجه أبو داود (٥١٣٩)، والترمذي (١٨٩٧)، وأحمد (٢٠٠٢٨) و (٢٠٠٤٨) عن معاوية بن حيدة ، قال الترمذي: حديث حسن. وفي الباب عن أبي هريرة، وهو عند البخاري (٥٩٧١)، ومسلم (٢٥٤٨)، وأحمد (٨٣٤٤) و (٩٢١٨).