وحاصل هذا المبحث أن من امتثل الأمر وجاء به على الوجه المطلوب، اختلف فيه هل يقتضي ذلك الإجزاء أم لا؟
والإجزاء له تفسيران:
- أحدهما وهو الأصح: أن المراد من كونه مجزياً هو أن الإتيان به كاف في سقوط الأمر، وإنما يكون كافياً إذا كان مستجمعاً لجميع الأمور المعتبرة فيه.
- وثانيهما: أن المراد من الإجزاء: سقوط القضاء.
والخلاف جارٍ على التفسير الثاني، وخالف في ذلك أبو هاشم، وعبدالجبار وغيرهم من الفقهاء الأصوليين (١).
أما على التفسير الأول فلا خلاف:
بيان ذلك أنه إذا أمر الله تعالى بفعل المأمور: إما أن يفعل المأمور به على الوجه الذي تناوله الأمر، أو يزيد على ما تناوله الأمر، أو ينقص، وإن فعل على الوجه الذي تناوله الأمر أجزأه ذلك بمجرد الأمر.
وقال بعض المعتزلة: الأمر لا يدل على الإجزاء، بل يحتاج الإجزاء إلى دليل آخر، وهذا خطأ؛ لأنه قد فعل المأمور به على الوجه الذي تناوله الأمر فوجب أن يعود إلى ما كان عليه قبل الأمر "أي وهي البراءة الأصلية"، فأما إذا زاد على المأمور به بأن يأمره بالركوع ويزيد على ما يقع عليه الإسم، سقط الفرض عنه بأدنى ما يقع عليه الإسم، والزيادة على ذلك تطوع لا تدخل في الأمر.
وقال بعض الناس الجميع واجب داخل في الأمر، وهذا باطل؛ لأن ما زاد على الإسم يجوز له تركه على الإطلاق، فإذا فعله لم يكن واجباً كسائر النوافل.