للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثامنة: قوله التي طريقها الاجتهاد.

هذه يجب أن تكون صفة لـ "معرفة"، أي: معرفة طريقها الاجتهاد؛ لأن هناك معرفة طريقها التقليد؛ لإخراج فقه المقلد والخلافي الآخذ عن إمامه المسألة بدليلها؛ وإنما نبهنا على هذا لأن المتبادر إلى الفهم أنها صفة للأحكام فيدخل علم المقلد في الحد.

ولا يقال إن جعل (التي طريقها الاجتهاد) قيداً للأحكام كافٍ عن جعلها قيداً للمعرفة، لأنا نقول: لا يقتضى تقييد الاحكام بذلك ألا يدخل في الحد علم المقلد؛ لأن علم المقلد يصدق عليه أنه "معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد"، إذ إن المقلد يعلم المسألة التي طريقها الاجتهاد ويعرفها، ولكن لا بالمعرفة الاجتهادية بل بالمعرفة التقليدية لإمامه. فتنبه لهذه الدقيقة وقد قرر شراح الكتاب ذلك؛ منهم بالتصريح: كالتاج الفزاري، والعبادي في شرحه على شرح المحلى، والدمياطي في حاشيته (١)، ومنهم بغيره: كالمحلى لما قال: "بخلاف ما ليس طريقه الاجتهاد"، فيه إشارة إلى أن المقصود العلم الذي طريقه الاجتهاد.

أي المعرفة التي طريقها الاجتهاد كما تقدم فيخرج به علم المقلد، ويخرج كذلك علم الباري سبحانه وتعالى، وعلم جبريل، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢):

أما علم الله فلا يوصف بأنه مكتسب، ولا ضروري:

أما الأول: فلإشعار الاكتساب بسبق الجهل المحال عليه تعالى، وأما الثاني: فلأن الضروري يطلق على معنيين:

١. على ما لا يفتقر إلى نظر واستدلال.


(١) شرح العبادي مع إرشاد الفحول ١/ ١٤. وحاشية الدمياطي ص ٣. قال العبادي في شرحه "ولو سلم عدم اللزوم فلا أقل من أنه أعنى جعل الموصوف الأحكام يوهم ذلك إيهاماً قوياً والاحتراز عنه مع إمكانه أولى بل واجب" ص ٤
(٢) البناني على شرح المحلي لجمع الجوامع ١/ ٤٥.

<<  <   >  >>