للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إثبات حكم أو صفة أو نفيهما" (١).

وقد ذكر ابن السمعاني أن هذا تعريف المتكلمين، أما الفقهاء فقالوا: "حمل فرع على أصل في بعض أحكامه بمعنى يجمع بينهما" (٢)، فعلى هذا يكون تعريف المصنف راجعاً إلى الطريقة الفقهية.

الثانية: العلة: هي وصف ظاهر منضبط يوجد الحكم بوجوده وينتفي بانتفائه.

وقولهم ظاهر: احتراز عن الأوصاف الخفية، فإنه لا يعلل بها ولا تناط بها الأحكام، فالشريعة لا تحيل على علة خفية، بل على علة ظاهرة.

مثال ذلك: من قتل شخصاً عمداً عدواناً وجب فيه القصاص، والعمد العدوان أمر خفي في القلب لا يطلع عليه، فأحلنا معرفته إلى أمر ظاهر وهي الآلة، فالقاتل بآلة حادة قاتلة، دال على ما خفي في باطنه وهو العمد العدوان، فاستدللنا بالآلة الظاهرة على الحالة الباطنة وهي العمد العدوان.

وكذلك الأمر في الأنساب: إذ علق الشرع ثبوت النسب على أمر ظاهر هو العقد لا على الوطء؛ لأنه خفي لا يُطلَّع عليه.

وقولهم: منضبط في تعريف العلة: احتراز عن الأوصاف غير المنضبطة فلا يحصل بها التعليل في الأحكام، مثاله: المشقة لو جعلناها علة للقصر والجمع والفطر في السفر، لما انضبط الأمر لاختلاف أحوال الناس، فمنهم من يشق عليه السفر، ومنهم من لا يشق


(١) البرهان في أصول الفقه (٢/ ٥) قال: وذكر غيره عبارات في روم ضبط القياس نائية عن الصواب فمن مقرب مع إخلال ومن مبعد والمعتبر في العبارات العبارة التي جمعها القاضي وكل من أتى بها فقد طبق.
وهكذا في التلخيص في أصول الفقه (٣/ ١٤٤) وهو ما اختاره تلميذه الغزالي في المستصفى
(٢) قواطع الأدلة في الأصول (٢/ ٧٠). وهو ما اختاره ابن الحاجب وعزاه الزركشي في البحر الى المحققين، البحر المحيط في أصول الفقه (٧/ ٨) قائلا: فالمحققون أنه: مساواة فرع لأصل في علة الحكم، أو زيادته عليه في المعنى المعتبر في الحكم. واختاره في مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (٤/ ٦)

<<  <   >  >>