للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن ضاق الوقت ولا يحضره في المسألة حكم، جاز له الأخذ بقول غيره أو استفتاؤه؛ لعموم قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

٣_ تعريف التقليد: هو أخذ قول القول بلا حجة يبينها أو بدون معرفة مأخذه.

ثم بني على هذا التعريف مسألة من فضول الكلام ولا تعلق لها بالأصول من قريب ولا بعيد، والصحيح أن الأخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم اتباعا؛ لأن قوله حجة فكيف يقال إنك لا تدري مأخذه أو بلا حجة يوردها.

هذا عجب. قال الزركشي: واختار ابن السمعاني أنه لا يسمى تقليدا، بل هو اتباع شخص، لأن الدليل قد قام في أن له حجة، فلا يكون قبول قوله قبول قول في الدين من قائله بلا حجة. وأغرب القاضي في التقريب " فنقل الإجماع على أن الآخذ بقول النبي - عليه الصلاة والسلام -، والراجع إليه ليس بمقلد، بل هو صائر إلى دليل وعلم يقين. (١)

[خاتمة فيها أمور هامة تتعلق بالمفتي والإفتاء.]

لما كان "الحق دقيقاً غامضاً لا يدركه إلا الأقلون ويعجز عنه الأكثرون؛ لأنه يحتاج إلى شروط كثيرة من الممارسة، والتفرغ للنظر، ونفاد القريحة، والخلو عن الشواغل" (٢)، بين العلماء من يجوز استفتاؤه ومن لا يجوز، ونحن نذكر أهم ذلك بإيجاز كما يلي:

١ - لا يستفتي إلا من عُرف بالعلم والعدالة، أما من عُرف بالجهل أو الفسق، فلا يسأل اتفاقاً، فلا يُستفتى إلا من استفاضت أهليته، وعلمت عدالته (٣)، بل نص العلماء أن المجهول الذي لا يُعرف علمه ولا جهله لا يجوز استفتاؤه،


(١) البحر المحيط في أصول الفقه (٨/ ٣١٧)
(٢) تيسير التحرير ٤/ ٣٤٨، والأحكام للآمدي ٤/ ٣١١، وشرح الكوكب المنير للفتوحي ٤/ ٥٤٤، ونثر الورد، شرح مراقي السعود للشنقيطي ٢/ ٦٤٤، والغاية للحسين بن القاسم ٢/ ٦٧٨.
(٣) الروضة للنووي ١١/ ٣٩٠.

<<  <   >  >>