وأما الحظر والإباحة، فمن الناس من يقول إن الأشياء بعد البعثة على الحظر، أي على صفة هي الحظر إلا ما أباحته الشريعة، فإن لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة يتمسك بالأصل وهو الحظر.
ومن الناس من يقول بضده، وهو أن الأصل في الأشياء بعد البعثة أنها على الإباحة إلا ما حظره الشرع.
والصحيح التفصيل، وهو أن المضار على التحريم، والمنافع على الحل.
أما قبل البعثة فلا حكم يتعلق بأحد؛ لانتفاء الرسول الموصل إليه.
[الشرح والإيضاح]
الحظر والإباحة
[المسألة الأولى: بيان أن الأصل الإباحة، وأن الحرام محصور مفصل في الشرع.]
اعلم أن هناك اضطرابا في تحرير هذه المسألة، وبعضهم خلط بينها وبين الأخرى المقيدة بما قبل البعثة، أما بعد البعثة فإن الله فصّل الحرام تفصيلاً، وأحل ما سواه:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: ١١٩]، فما حرمه من الأشياء فصّله سبحانه وما لم يحرمه فهو من المباح.
١_ ففي الأبضاع بين المحرمات، ثم قال تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: ٢٤].
فأباح ما سوى المحرمات المنصوصات، والإباحة عن طريق الزواج الشرعي لا الزنا، وحرم نكاح المشركات سوى الكتابيات بنصوص واضحة صريحة.