للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخر لو لم يرد لفهم المعنى بدونه فوروده زيادة للبيان لا نسخاً له.

ومنه قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩]، ثم قال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: ١٠]

وقوله: "مع تراخيه عنه": خرج به التخصيص والتبيين؛ لأنه لا يشترط فيها التراخي (١)، وبهذا تعرف شروط النسخ.

وقول الشارح هذا حد للناسخ، أي: أن إمام الحرمين بهذا التعريف إنما عرف الناسخ لا النسخ فإن النسخ رفع الحكم ... الخ.

تنبيه: لماذا قال الشارح: أي: رفع تعلقه بالحكم؟ والجواب: أن كلامه هذا فيه رد على إيراد مشهور هو: أن خطاب الله قديم فكيف يرفع؟ فالجواب: أنه رفع لما تعلق به من أفعال المكلفين لا له (٢)، وقد تقدم قريباً.

المسألة الثالثة: الفرق بين النسخ والتخصيص من ثمانية أوجه (٣):

الأول: أن التخصيص مبين أن مدلول اللفظ الخاص لم يكن مراداً من لفظ العام الدال عليه بخلاف النسخ، فإن مدلوله كان مراداً بالحكم ثم رفع بالنسخ.

نحو: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، ثم خصص منه: ملتزم الجزية، المعاهد، والنساء، والأطفال، فعلم أن النص لم يكن شاملاً لهم.


(١) انظر مرآة الأصول شرح مرقاه الوصول لمنلا خسرو ٢/ ١٦٩، والتحقيقات شرح الورقات لابن قاوان ص ٣٥٨، وفواتح الرحموت ٢/ ٥٣، وتيسير التحرير ٣/ ١٧٨، وأحكام الآمدي ٣٠/ ١٥٠، وشرح البدخشي والأسنوي على المنهاج ٢/ ٤٩٨، والتحبير ص ٢٩٨٠، وشرح بن الفركاح للورقات ص ٢١٥، وغيرها.
(٢) وانظر مع ما سبق روضة الناظر مع شرح النملة ٢/ ٦٧٧، والنهاية للهندي ص ٢٢٣١، والمستصفى ٢/ ١٠٩.
(٣) انظر المستصفى ٢/ ١٠١٠ - ١١١، والروضة ٢/ ٦٧٧، وما بعدها والواضح لابن عقيل ٤/ ٢٤٠، ولباب المحصول لابن رشيق ١٠/ ٢٩٥، وشرح مختصر الروضة ٢/ ٥٨٧.

<<  <   >  >>