للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتحصّل من تتبع النصوص أن ما لم ينصّ على التحريم فهو مباح.

ومن الأدلة قوله صلى الله عليه وسلم: (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهة). (١)

فالحرام بيّن واضح وما سواه حلال واضح، والحرام محصور بالنصّ والحلال غيره وهو غير محصور، وهو الذي الأصل فيه الإباحة.

أما المشتبهات فهي محل نظر، وهي ما يمكن أن تتجاذبها أصول التحريم وأصول الحل، والتجاذب واضح، وإنما شرطنا وضوح التجاذب؛ لأن ما لا وضوح في تجاذبه مشمول بأدلة الإباحة لأن الحرام مفصل بالنص، والحلال ما سواه. ولهذا فالأصل في الأشياء الإباحة هذا ما لا مناص عنه.

[المسألة الثانية: تحرير ما نُسِب إلى أبي حنيفة من أن الأصل التحريم، وبيان الخطأ في النقل.]

الأصل في الأشياء الإباحة ذهب إليه الشافعي، وجمهور الحنفية، والجمهور من غيرهم.

وأما من ذهب إلى أن الأصل التحريم ونسبه إلى أبي حنيفة فقد أخطأ، فكتب مذهبه تنصّ على أن من نسبه إليه هم الشافعية.

قال ابن نجيم في الأشباه: "الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على عدم الإباحة، وهو مذهب الشافعي - رحمه الله -، أو التحريم حتى يدل الدليل على الإباحة ونسبه الشافعية إلى أبي حنيفة - رحمه الله-". (٢)

وعلق عليه الحموي بقوله: "قوله: الأصل في الأشياء الإباحة إلخ ذكر العلامة قاسم بن قطلوبغا في بعض تعاليقه أن المختار أن الأصل الإباحة عند جمهور أصحابنا". (٣)


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري، برقم (٥٢) ومسلم برقم: (١٥٩٩)
(٢) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (١/ ٢٢٣).
(٣) المصدر نفسه (١/ ٢٢٣).

<<  <   >  >>