مثاله تعارض عموم حديث الصحيحين:(فيما سقت السماء العشر)، بخصوص حديث الصحيحين كذلك:(ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)
وبيانه أن الأول عام في كل قليل وكثير فتخرج الزكاة منه قل أو كثر، والثاني: خاص في خمسة أوسق فلا زكاة فيما دون ذلك.
فيبنى العام على الخاص وهو مذهب الشافعي، ومالك، وأحمد، وقال به في هذه المسألة أبو يوسف ومحمد خلافاً لأبي حنيفة، حيث رجح العموم لأنه عنده قطعي، وإذا تأخر عن الخاص نسخه كلية، وإذا تقدم عليه نسخه الخاص في محل التعارض إن كان متراخيا عنه وإن كان متصلا به فهو تخصيص.
هذه قاعدته، ولم يثبت هنا تاريخ فيبقى العام على عمومه، ويعمل بالخاص في زكاة التجارة، فلا زكاة فيما دون خمسة أوسق تجارية إذا بلغت قيمتها مئتي درهم (١).
ومن المسائل الشهيرة في التعارض بين العام والخاص إعارة الجدار للجار لغرز خشبة ونحوها فذهب الشافعي في القديم، وأحمد إلى الوجوب؛ لما ثبت عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره)، ثم
(١) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٥٩) شرح التلويح على التوضيح (١/ ٧٤).