للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده.

فإذا قال له: اسكن كان ناهياً له عن التحرك، أو لا تتحرك، كان آمراً له بالسكون.

[الشرح والإيضاح]

الكلام على قاعدة الأمر بالشيء نهي عن ضده وتحقيق المقام.

قوله: "والأمر بالشيء نهي عن ضده":

هذه قاعدة شهيرة من قواعد الأصول وعليها المذاهب الأربعة (١)، وهو ما اختاره ابن الأمير والشوكاني إذ قال: "وإذا عرفت ما حررناه من الأدلة والردود، فاعلم أن الأرجح في هذه المسألة أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده بالمعنى الأعم" (٢).

وقد خالف في هذه المسألة جماعة من الأصوليين، والتحقيق القول بها لما يلي:

١ - أن التكليف بالواجب مع عدم النهي عن الشيء المضاد له تكليف بما لا يطاق.

٢ - أن عدم النهي عنه يؤدي إلى جواز التلبس بهذا الضد، مما يؤدي إلى ضياع الواجب وهذا خلاف مقتضى التكليف.

٣ - أن الشريعة قائمة على إخراج المكلف عن داعية الهوى، وفي عدم النهي عما يضاد التكليف مناقضته لهذه القطعية.

٤ - أن فعل المأمور به لا يتصور إلا بترك أضداده، وما لا يتم فعل المأمور به دون تركه فهو واجب الترك إن كان الأمر للإيجاب، ومندوب إلى تركه إن كان


(١) جمع الجوامع بشرح المحلى وحاشية البناني ١/ ٣٨٦، ومنهاج البيضاوي وشرح الأسنوي والأشخر ١/ ١٠٦ وشرح الأصفهاني ١/ ١١١ واللمع ص ٥٧ وشرح الكوكب المنير ونسبه للأربعة ٣/ ٥١ والمسودة ٤٩ ونسبه للأربعة، ونسبه في نثرا لورود إلى أكثر المالكية ١/ ١٨٩، وفي التلويح إلى مذهب أبي حنيفة ١/ ٤٢١ وإجابة السائل لابن الأمير ص ٢٩٠، والروضة وشرحها للنحلة ١/ ٤٦٦.
(٢) إرشاد الفحول للشوكاني ١/ ١٨٥.

<<  <   >  >>