للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كثير مما تعذر عندهم الجمع بمجرد أن راو الحديث متأخر الإسلام.

فإذا لم يثبت أن أحدهما ناسخاً بدليل تقوم به حجة، فعلى الناظر أن يسلك بعد هذا طريق الترجيح، فإن لم يتبين له ترجيح توقف حتى يظهر له.

[فمثال الجمع بين الخاصين]

"أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ وغسل رجليه" (١)، وحديث: "أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ ورش الماء على قدميه وهما في النعلين"، فالحديث الأول نص على غسل الرجلين، والحديث الثاني ذكر أنه رش الماء على قدميه. فإما أن يقال هذا جائز، وهذا جائز؛ لأنهما فعلان لا عموم لهما.

إلا أن هذا الجمع معارض بحديث: (ويل للأعقاب من النار) (٢)، وحديث: (أنه رأى على قدم أحدهم لمعة لم يمسها الماء فقال له أعد وضوءك) (٣).

والرش لا يستوعب القدم، فكان هذا الجمع غير مفيد؛ لذلك جمع بينهما على أن الرش في حال وضوء التجديد للوضوء، بدليل رواية أخرى للحديث، هذا وضوء من لم يحدث.

وسلك بعض العلماء مسلكا آخر هو مسلك الترجيح، فرجحوا الغسل لأنه ثابث بالطرق الصحيحة المتواترة في نقل وضوئة صلى الله عليه وسلم، وضعفوا هذا الحديث من جهة النقل.

أما إن لم يستطع الجمع فمثّله المصنف بحديثين:


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، برقم: (٢٣٥).
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه، برقم: (١٦٥)، ومسلم في صحيحه، برقم: (٢٤١).
(٣) سنن أبي داود ت الأرنؤوط (١/ ١٢٧)

<<  <   >  >>