للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لإمامه بأصوله.

ولا يعري عن شوب تقليد له؛ لإخلاله ببعض أدوات المستقل بأن يخل بالحديث أو العربية.

ج. فقيه النفس حافظ لمذهب إمامه، عارف بأدلته، قائم بتقريره، يصور ويقرر ويحرر، ويمهد ويزيف ويرجح، لكنه ليس كأهل المرتبة السابقة في حفظ المذهب والارتياض في الاستنباط، أو معرفة الأصول ونحوها من أدواتهم.

د. حافظ المذهب ناقل له، فاهم لواضحاته ومشكلاته، لكن عنده ضعف في تقرير أدلته وتحرير أقيسته، فهذا يعتمد في نقله وفتواه بالمذهب، وكل صنف منها يشترط فيه حفظ المذهب وفقه النفس، فمن تصدى للفتيا وليس بهذه الصفة فقد باء بأمر عظيم. هذا كلام النووي وحاصله.

[واعلم أنه لا يخلو عصر من مجتهد.]

وما قاله الغزالي من خلو العصر عن المجتهد المستقل رده العلماء وزيفوه، ونقل الاتفاق بل بالغ البعض فادعى الاتفاق، وقد تعجب الزركشي من نقل الإجماع؛ لأن المسألة خلافية، وقد خالف في ذلك الحنابلة وبعض أئمة الشافعية.

وبه جزم الأستاذ أبو إسحاق، والزبيري، ونقل الاتفاق عجيب، والمسألة خلافية بيننا وبين الحنابلة، وساعدهم بعض أئمتنا فقالوا: لا يجوز خلو العصر عن مجتهد، وبه جزم الأستاذ أبو إسحاق، والزبيري، ونسبه أبو إسحاق إلى الفقهاء، قال ومعناه: أن الله تعالى لو أخلى زمانا من قائم بحجة زال التكليف. (١)


(١) انظر البحر المحيط في أصول الفقه (٨/ ٢٤١) قال الزركشي:
وأما قول الغزالي: وقد خلا العصر عن المجتهد المستقل فقد سبقه إليه القفال شيخ الخراسانيين، فقيل: المراد مجتهد قائم بالقضاء، فإن المحققين من العلماء كانوا يرغبون عنه، ولا يلي في زمانهم غالبا إلا من هو دون ذلك وكيف يمكن القضاء على الأعصار بخلوها عن مجتهد والقفال نفسه كان يقول للسائل في مسألة الصبرة: تسأل عن مذهب الشافعي أم ما عندي؟ وقال، هو والشيخ أبو علي والقاضي الحسين: لسنا مقلدين للشافعي، بل وافق رأينا رأيه فماذا كلام من يدعي رتبة الاجتهاد ولم يختلف اثنان أن بن عبد السلام بلغ رتبة الاجتهاد وكذلك ابن دقيق العيد، وانظر الإمام أبو العباس ابن سريج المتوفي سنة ٣٠٦ هـ وآراؤه الأصولية (ص: ١٩٠) فواتح الرحموت بهامش المستصفى ٢/ ٣٦٢ ط الأميرية - بولاق إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (٢/ ٢١٥) وكما رد هذه الدعوى الزركشي وكثير من العلماء وقد أطال الشوكاني الجواب على ذلك وألف السيوطي رسالة في الرد والصنعاني: قال الشوكاني: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (٢/ ٢١٥)

ومن حصر فضل الله على بعض خلقه، وقصر فهم هذه الشريعة المطهرة على من تقدم عصره، فقد تجرأ على الله عز وجل، ثم على شريعته الموضوعة لكل عباده، ثم على عباده الذين تعبدهم الله بالكتاب والسنة.
ويا لله العجب من مقالات هي جهالات، وضلالات، فإن هذه المقالة تستلزم رفع التعبد بالكتاب والسنة، وأنه لم يبق إلا تقليد الرجال، الذين هم متعبدون بالكتاب والسنة، كتعبد من جاء بعدهم على حد سواء، فإن كان التعبد بالكتاب والسنة مختصا بمن كانوا في العصور السابقة، ولم يبق لهؤلاء إلا التقليد لمن تقدمهم، ولا يتمكنون من معرفة أحكام الله، من كتاب الله وسنة رسوله، فما الدليل على هذه التفرقة الباطلة، والمقالة الزائفة، وهل النسخ إلا هذا {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦].

<<  <   >  >>