وأما قول الغزالي: وقد خلا العصر عن المجتهد المستقل فقد سبقه إليه القفال شيخ الخراسانيين، فقيل: المراد مجتهد قائم بالقضاء، فإن المحققين من العلماء كانوا يرغبون عنه، ولا يلي في زمانهم غالبا إلا من هو دون ذلك وكيف يمكن القضاء على الأعصار بخلوها عن مجتهد والقفال نفسه كان يقول للسائل في مسألة الصبرة: تسأل عن مذهب الشافعي أم ما عندي؟ وقال، هو والشيخ أبو علي والقاضي الحسين: لسنا مقلدين للشافعي، بل وافق رأينا رأيه فماذا كلام من يدعي رتبة الاجتهاد ولم يختلف اثنان أن بن عبد السلام بلغ رتبة الاجتهاد وكذلك ابن دقيق العيد، وانظر الإمام أبو العباس ابن سريج المتوفي سنة ٣٠٦ هـ وآراؤه الأصولية (ص: ١٩٠) فواتح الرحموت بهامش المستصفى ٢/ ٣٦٢ ط الأميرية - بولاق إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (٢/ ٢١٥) وكما رد هذه الدعوى الزركشي وكثير من العلماء وقد أطال الشوكاني الجواب على ذلك وألف السيوطي رسالة في الرد والصنعاني: قال الشوكاني: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (٢/ ٢١٥)
ومن حصر فضل الله على بعض خلقه، وقصر فهم هذه الشريعة المطهرة على من تقدم عصره، فقد تجرأ على الله عز وجل، ثم على شريعته الموضوعة لكل عباده، ثم على عباده الذين تعبدهم الله بالكتاب والسنة. ويا لله العجب من مقالات هي جهالات، وضلالات، فإن هذه المقالة تستلزم رفع التعبد بالكتاب والسنة، وأنه لم يبق إلا تقليد الرجال، الذين هم متعبدون بالكتاب والسنة، كتعبد من جاء بعدهم على حد سواء، فإن كان التعبد بالكتاب والسنة مختصا بمن كانوا في العصور السابقة، ولم يبق لهؤلاء إلا التقليد لمن تقدمهم، ولا يتمكنون من معرفة أحكام الله، من كتاب الله وسنة رسوله، فما الدليل على هذه التفرقة الباطلة، والمقالة الزائفة، وهل النسخ إلا هذا {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦].