الرابع: أن هذه الاعتراضات المتعلقة بمسألة الثواب والعقاب غير واردة فيما أراه على التعريف؛ لأن التعاريف مقيدة بالحيثية السابقة التي تحصر النظر على الحقيقة والماهية والأصل.
ومن المعلوم أن الأصل: هو العقاب للعصاة لا العفو؛ إذ العفو استثناء ورحمة منه تعالى وهو متعلق بمشيئته. وهذا مما لا ينتقض به الحد إذ الحدود، والتعريفات مبناها على الأصول لا على الاستثناءات. والله أعلم.
الخامس: ومما أورد على الحد أنه غير مانع لدخول، نحو المندوبات التي يعاقب على تركها، كالأذان، فإنه يقاتل أهل بلد لا يؤذن فيهم.
والجواب أن العقاب ليس على ترك المندوب، بل إما لأنه فرض كفاية، أو لأنه يدل تركه على الاستهانة بالدين، مع ملاحظة المعنى الذي ذكره الشاطبي من أن المندوب بالجزء يصير واجباً بالكل (١). فيندفع الإيراد والله أعلم.
[تتمة في أقسام الواجب]
ينقسم الواجب إلى موسع ومضيق، وإلى كفائي وعيني، والى مخير ومعين:
١ - فالموسع ما يتسع وقته له ولغيره.
٢ - والمضيق ما لا يتسع وقته لغيره.
ومن رحمة الله بالخلق أن الواجب الموسّع أكثر من المضيق؛ وهذا من أسرار الشرع، فمن المضيق: صيام شهر رمضان له وقت معين لا يتسع لغيره من جنسه، ونعني بهذا: أنه لا يوجد صيام في رمضان غير صيام الفرض.