للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهذه الحيثية لفظاً أو تقديراً كما نبّه عليه السعد في التلويح، لئلا تختل الحقائق والحدود.

فالواجب مثلاً يعتريه أمور خارجية فيختل حده؛ فقد يعمل أحد الواجب ولا يؤجر عليه للرياء مثلاً، مع أنه في تعريف الواجب يثاب فاعله.

فهل نقول حد الواجب باطل، أو نقول هو مقيد بالحيثية؛ إذاً فلا يسلم حد إلا بهذه الحيثية التي تحصر النظر في الماهية فحسب وتقطعه عما يمكن أن يعتريه من الخارجيات.

الثاني: أن الإثابة وعدٌ والوعد لا يتخلف منه سبحانه؛ لأنه نقص، وهو عليه مستحيل، بخلاف العقاب الذي هو وعيد فإنه راجع إلى المشيئة: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]. ولذلك عبر بعضهم بـ "يستحق العقاب" بدلاً عن يعاقب، وبعضهم بـ" يذم" وجعلوها أفضل؛ لجواز العفو عن تاركه.

ومن هنا اعترض على الحد بأنه غير جامع؛ لخروج الواجب المعفو عن تركه لنسيان مثلاً، وأجاب الشارح بوجهين حاصلهما: (١)

١ - أن وقوعه على واحد من العصاة كاف في صدقه.

٢ - أن معنى يعاقب، أي: يترتب عليه العقاب، والترتب: الاستحقاق، أي يستحق.

الثالث: أن الأصوليين حصروا العقاب على الأخروي فقط، وأغفلوا العقوبات الدنيوية التي منها إدخاله تحت أوصاف الظالمين، الفاسقين، المجرمين.

وهذا نوع من العقاب وهو لابس للعاصي لا محالة، ويترتب عليها أحكام مثل: رد الشهادة، والهجر، والتعزير، وعدم الصلاة عليه، ونحو هذه الأحكام، وقد يصل إلى الحد كقتل الإمام تارك الصلاة مثلاً بشروطه، وكقتال مانعي الزكاة وغيرها، وهذا جار في تعريف المحضور كما سيأتي، وما يترتب على اقترافه من الحدود، والتعازير،


(١) وانظر شرح ابن قاسم الكبير ١/ ٢٠١.

<<  <   >  >>