للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: في تمثيله بالحواس الخمس الظاهرة؛ إشارة إلى أن ما يدرك بها يسمى علماً، وهو مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري، فعنده "العلم: ما يدرك بالحواس الخمس الظاهرة والباطنة" (١).

ومذهب الجمهور: الإحساس غير العلم؛ لأننا إذا علمنا شيئاً علماً تاماً، ثم رأيناه وجدنا بين الحالتين فرقاً ضرورياً.

وما تقدم عن الأشعري أحد قوليه في المسألة، وآخر قوليه: أنها ليست من قبيل العلوم، وهو الذي ارتضاه القاضي وإمام الحرمين (٢).

قلت: وقضية الخلاف، هل إدراك المحسوسات بالحواس هو العلم بها، أم أن الإدراك غير العلم؟

لأنها عبارة عن آلات تنطبع عليها الأشياء صورة في العين، ورائحة في الأنف، وصوتاً في السمع، وذوقاً في اللسان، وملمساً بالحس؛ لتوصلها إلى النفس التي هي محل العلم خلافٌ.

ولا بد هنا من معرفة ثلاثة أمور: (٣)

١. إدراك الحواس بالمحسوسات.

٢. العلم بهذه المحسوسات.

٣. العلم بعلوم أخرى تنشأ عن المحسوسات.

قالوا: ولا إشكال في هذا الأخير أنه علم وهو مخالف للأول قطعاً.


(١) شرح ابن إمام الكاملية للورقات ص ١٠٠.
(٢) رفع الحاجب لابن السبكي ١/ ٢٦٨.
(٣) رفع الحاجب لابن السبكي ١/ ٢٦٨، والبحر المحيط ١/ ٤٨.

<<  <   >  >>