للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض الهيئات وإلا لكان مندوباً، كنومه صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن.

وحكم هذا النوع فيه خلاف، فحمله أكثر المحدثين كما حكاه أبو إسحاق على الندب، وحمله غيرهم على الأصل وهو عدم التشريع (١).

- ومنه باب موافقته العرف، نحو: إطلاقه صلى الله عليه وسلم لشعره إلى المنكبين، ولبسه ما يلبس قومه من عمامة وإزار ونحو ذلك، فما كان فيه مجرد فعل فالتشريع العام فيه جواز موافقة العرف ما لم يخالف الشريعة في أمر أو نهي.

ما لم يأت ما يعضده بدليل آخر كما هو شأن إعفاء اللحية، فتأخذ حكماً مستقلاً، أما مجرد الفعل فقد ثبت أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كانت له ظفائر. وهذه العادة كانت معروفة عند العرب، فإذا تغير العرف كما هو الحال في زماننا. فأطال أحدٌ شعره إطالة خارجة عن العادة أو ظفره لم يعد متبعاً، بل يدخل في ذم الشهرة، وقد يعزر من فعله إن كان تميعاً وخروجا إلى التأنث، وقد أفتى بعض علماء عصرنا بهذا وقد سمعته تسجيلا من شيخنا ابن عثيمين رحمه الله.

الرابع: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً.

بلا بيان لمجمل، أو خصوصية، أو جبلة فهذا الأصل فيه التشريع، وهو مذهب الجماهير من القوم؛ لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١].

أما كونه واجباً أو مندوباً على الخصوص، أو مباحا فمحتاج لدليل آخر يدل عليه. فذكر المؤلف أنه إن كان على وجه القربة والطاعة فالمذهب على القول بالوجوب لأنه الأحوط، وقيل بالندب لأنه أقل الطلب، وقيل بالوقف لعدم ظهور الترجيح.

أما إن كان لا على وجه القربة فهو مباح في حقه وحقنا.


(١) اللمع في أصول الفقه للشيرازي (ص: ٦٨) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (١/ ١٠٣).

<<  <   >  >>