للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذاً فالإيجاب لله، والوجوب صفه للحكم، والواجب صفه لفعل المكلف، فظهر من خلال هذا أن الإيجاب ينظر فيه إلى الحكم، وأن الوجوب ينظر فيه إلى تعلقه بالحكم وينظر فيه إلى تعلقه بالمكلف، فهو واسطة بين الإيجاب والواجب، وأن الواجب ينظر فيه إلى فعل المكلف فقط. فالإيجاب هو الحكم، والوجوب صفته المتعلقة بفعل المكلف، والواجب هي صفة فعل المكلف.

ثمرة المسألة (١):

١ - لها ثمرة في التعاريف، فتعريف الإيجاب والوجوب غير تعريف الواجب (٢).

٢ - من حيث المعتقد وهو: أن الإيجاب متعلق بالكلام الأزلي، فالإيجاب هو الحكم وهو صفة لله تعالى. وأما الوجوب فهو من وجب إذا استقر وسقط، وهو هنا استقراره على المكلف بحسب الشروط التكليفية من فهم وقدرة، فالوجوب من هذه الحيثية هو الوجوب التنجيزي وهو الحادث. ومن حيثية تعلقه بالإيجاب الذي هو الحكم فهو قديم فيقال: في الإيجاب والوجوب حكم والحكم صفة الله تعالى، وأما الواجب فهو: فعل المكلف.

قال الإمام القرافي: "والذي ذكره (يعني الرازي) ليس حكماً؛ لأن حكم الله -تعالى- هو الوجوب لا الواجب، بل الواجب هو فعل المكلف، فهو متعلق الحكم لا نفس الحكم، فشرع عند الحكم حد متعلقه، وأحدهما مباين للآخر؛ فإن الحكم صفة الله تعالى، ومتعلقه صفة للعبد، وأحدهما مباين للآخر؛ لأنه فعله فكان المتعيّن أن يقول: الوجوب هو الذي يذم تارك متعلقه شرعاً على بعض الوجوه، وهذا السؤال مطرد في جميع حدوده، وهذا التعبير لازم في الجميع. (٣).


(١) الأحكام للآمدي ١/ ٩٢ - ٩٣.
(٢) الايجاب: خطاب الله تعالى التكليفي والوجوب: هو استقرار الحكم على المكلف والواجب: هو مايلزم من فعله
(٣) نفائس الأصول في شرح المحصول (١/ ٢٦٥).

<<  <   >  >>