أما الجهة الثانية: فهي بالنظر إلى تعلق الحكم بالمكلف فيقال: الوجوب والحرمة، والإباحة، الندب، والكراهة.
ويظهر الفرق بين الجهة الأولى والثانية في الإبدال من الآية: إِنْ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلَّهِ، التقدير: "لا إيجاب ولا تحريم، ولا إباحة إلا لله، فإن غيرنا بالوجوب والحرمة قلنا لا وجوب على مكلف، ولا حرمة إلا بإيجاب الله أو تحريمه.
ولا يصح لا وجوب ولا حرمة إلا لله فنلاحظ هنا ارتباط الوجوب والحرمة بفعل المكلف، وتبين أن الحكم هو: الإيجاب والتحريم ... الخ. ويعبر بها إذا أريد بيان مصدر الحكم فيقال: هذا إيجاب، أي: من الله تعالى.
وهو من أوجب يوجب إيجاباً فهو موجب، ويضاف إلى الخطاب فيقال: هذا خطاب إيجاب، والإضافة بيانية؛ لأن الخطاب هو نفس الإيجاب، فالتقدير هذا خطاب هو الإيجاب أي: هذا إيجاب.
أما الوجوب والحرمة فليستا الحكم، بل وصفان يدلان على تعلق الحكم بالمكلف فيعبر بهما إذا أريد بيان تعلق الحكم بالمحكوم عليه، وهو من وجب يجب وجوباً فهو واجب.
فإذا قلت: وجب وجوباً ففاعله ضمير مستتر راجع إلى الحكم، وإذا قلت أوجب إيجاباً ففاعله ضمير مستتر راجع إلى الله.
أما الجهة الثالثة: فهي بالنظر إلى فعل المكلف، من حيث الوضعية.
فإذا أردنا بيان الصفة الشرعية لفعل المكلف فنقول: هذا فعل واجب، أو حرام ونحو ذلك: فصلة الرحم فعل. وتوصيفها الشرعي هو: واجب، فنقول وصْلُ الرحم واجب، ولا يقال وصل الرحم إيجاب، أو وجوب بل نقول حكمه الوجوب.