للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل لا يصح إجماع ينقض إجماعاً سابقاً صحيحاً في عين المسألة، (١) وإنما ضعف العلماء القول باشتراط الانقراض (٢):

أ- لتعذر معرفته، مما يفضي إلى عدم القول بإجماع البتة.

ب- بعموم الأدلة على حجية الإجماع بلا تفصيل، فدل على عدم اشتراط انقراض العصر.

وهذا هو ما حمل ابن حزم على قوله: "وليت شعري متى يمكنه التطوف عليهم في آفاقهم، بل ألَاّ يزايلهم إلى أن يموتوا ومتى جمعوا له في صعيد واحد ما في الرعونة أكثر من هذا، ولا في الهزل والتدين بالباطل ما يفوق هذا، ونعوذ بالله العظيم من الضلال" (٣).

[أما ما احتج به من شرط انقراض العصر]

فرأي على في جواز بيع أمهات الأولاد، مع أن عمر والصحابة وفيهم علي رضي الله عنهم منعوا ذلك، ورد هذا بأنهم لم يجمعوا على ذلك، بل الخلاف منقول عن ابن مسعود وجابر وابن الزبير وابن عباس في رواية (٤) فلم ينعقد إجماع إذاً.

وهو "إنما يدل على اتفاق جماعة عليه لا على أنه قول كل الأمة" (٥)، ويدل له قول جابر بن عبدالله رضي الله عنه: "بعناهن على زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وشطر من ولاية عمر" (٦). أخرجه أبو داود وابن ماجة وغيرهما.


(١) المعتمد للبصري ج ١/ ٤٠.
(٢) وهو قول أحمد وأكثر اصحابه وابن فورك وسليم وحكى عن الأشعري والمعتزلة (التحبير ص ١٦١٧)، والمنقول عن الأشعري والمعتزلة خلافه، هداية العقول ١/ ٥٦٧.
(٣) أصول الاحكام ٤/ ٥٦٠.
(٤) هداية العقول ١/ ٥٦٨.
(٥) هداية العقول ١/ ٥٦٨.
(٦) أخرجه: أبو داود في السنن برقم (٣٩٥٤)، وابن ماجة في سننه برقم (٢٥١٧).

<<  <   >  >>