للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: يجوز تقدم المستثنى بلا خلاف.

قوله: ويجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه، نحو ما قام إلا زيداً أحدٌ.

أقول: تقديم المستثنى جائز في لغة العرب ولا خلاف في هذه المسألة (١)

وهو وارد في السنة الصحيحة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (لست أنا حملتكم، ولكن الله حملكم، وإني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها) (٢) وكقول الكميت:

وما لي إلا آل أحمد شيعة **** ومالي إلا مذهب الحق مذهب

المسألة الرابعة: الاستثناء من الجنس ومن غيره

قوله: ويجوز الاستثناء من الجنس كما تقدم ومن غيره، نحو: جاء القوم إلا الحمير.

١_ الاستثناء من الجنس جائز لا خلاف كما تقدم.

٢_ أما من غير الجنس فهو واقع في القرآن وأقوال العرب بلا شك وهذا يكفي.

والذين أنكروه في اللغة تأولوا ما وقع في اللغة أنه راجع إلى الجنس الشامل للكل وعليه فالخلاف لفظي، مثال وقوعه في القرآن: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: ٢٥، ٢٦]. فالاستثناء هنا من غير جنس اللغو ولا التأثيم؛ لأن السلام ليس بلغو ولا تأثيم، وقدّره البعض أنه مستثنى من القول؛ لأن القول جنس للكل فيكون التقدير: لا يسمعون فيها قولا لغوا، ولا تأثيما، إلا قولا سلاما.

ومثاله كذلك قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧]، فالعلم


(١) التحبير شرح التحرير (٦/ ٢٥٧٠)
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه، برقم: (٦٦٤٩) واللفظ له، ومسلم في صحيحه، برقم: (١٦٤٩).

<<  <   >  >>