للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يشترط في حجيته انقراض العصر، بأن يموت أهله على الصحيح؛ لسكوت أدلة الحجية عنه.

وقيل يشترط، لجواز أن يطرأ لبعضهم ما يخالف اجتهاده فيرجع عنه.

وأجيب بأنه لا يجوز له الرجوع عنه، لإجماعهم عليه.

فإن قلنا انقراض العصر شرط، فيعتبر في انعقاد الإجماع قول من ولد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الاجتهاد.

ولهم على هذا القول إن يرجعوا عن ذلك الحكم، الذي أدى اجتهادهم إليه.

[الشرح والإيضاح]

[مسألة انقراض العصر في الاجماع]

انقراض العصر معناه هنا: أنه إذا أجمع أهل عصر على قول فهل هذا القول يعد إجماعاً بمجرد انعقاده، أم أنه لا يثبت الإجماع ما دام أهله باقين حتى ينقرضوا جميعاً بالموت؛ لاحتمال رجوعهم حال حياتهم؟ الصحيح الذي عليه المذاهب: الحنفية، والمالكية، والشافعية، (١) والظاهرية، (٢) وغيرهم (٣) أنه ليس بشرط، بل يعد الإجماع حجة صحيحة بعد لحظة انعقاده، ولا يعتد بخلاف من خالف بعد ذلك؛ لأن الاجتهاد يعد سائغاً "ما لم يوجد نص أو إجماع، فإذا وجد نص أو إجماع سقط جواز الاجتهاد" (٤).


(١) انظر تيسير التحرير ٢/ ٢٣٠. وفواتح الرحموت ٢/ ٢٢٤. والآيات البينات ٣/ ٢٩٤، ٢٩٥، ومفتاح الأصول ص ٧٤٣.
(٢) انظر الأحكام لأبن حزم ٤/ ص ٥٥٨.
(٣) انظر هداية العقول ١/ ٥٦٧.
(٤) أصول الجصاص ٣/ ٣٤٦.

<<  <   >  >>