للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الشرط الأول: أن تكون وصفاً ظاهراً؛ لأن غير الظاهر يخفى تعلق الحكم به، مثاله: أن الله جعل الرضى مناطا للبيع، ولما كان الرضى أمرا قلبيا جعلت علاماته دليلا عليه، وهذه العلامات هي إما أقوال أو أفعال، فالأقوال: أن يقول بعت واشتريت وهو ما يسمى بالإيجاب والقبول، والأفعال هو أن يدفع الثمن والأخر يقبضه السلعة.

وقد علق الشافعية البيع على الإيجاب والقبول، وأجاز غيرهم التعاطي، وفصل الحنفية بأن جعلوا التعاطي لما تجري به العادات فالبيوع الصغيرة بالمعاطاة وبيوع الأمور ذي الشأن لابد فيه من الألفاظ. (١)

- الشرط الثاني: الانضباط فلا يعلل بما لا ينضبط، فلا يقال في علة القصر في السفر علته المشقة؛ لأنها تختلف من شخص لآخر ومن سفر لآخر، فالعلة هي السفر، (٢) ودفع المشقة هي الحكمة.

وهل يجوز كون الحكمة هي العلة؟ وهي الحاجة إلى جلب مصلحة أو دفع مفسدة؟

أجاز جماعة كالرازي ومنع آخرون، وشرط الآمدي والهندي للجواز كونها ظاهرة منضبطة بنفسها، وعن الشافعي الجواز وأن اعتبارها هو الأصل، وإنما اعتبرت المظنة للتسهيل، ومنعها أبو حنيفة.

ولهذا اختلفوا في المزنيّ بها تعطى حكم البكر أو الثيب في اعتبار السكوت، فالحكمة هي أن البكر تستحي، والعلة هي البكارة. وعكس ذلك الثيب، فإن جعلنا الحكمة قلنا المزنيّ بها لا تستح كالبكر بل تلحق بالثيب، وإن اعتبرنا العلة وهي الثيوبة الشرعية قلنا لها حكم البكر؛ لأن ثيوبتها غير شرعية.


(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٨٨).
(٢) البحر المحيط في أصول الفقه (٧/ ١٦٨).

<<  <   >  >>