للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما كان للآية معنى، فدل أن إجماعهم معصوم، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨]، والشاهد فيه: ومن اتبعني، فأمته هي المتبعة له وهي على بصيرة، ولو جاز إجماعهم على ضلال لكانوا على غير بصيرة.

وقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} [الفاتحة: ٦، ٧]، فالأمة على الصراط المستقيم وغيرها على ضلال وغضب، ولو جاز اجتماعهم على ضلال فلا مزية لهم حينئذ، وتصير الآية عبثاً وهو باطل.

وقوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥]، وسبيل المؤمنين هو ما أجمعوا عليه لعدم اجتماعهم على ضلالة.

ومن الأحاديث كل ما دل على لزوم الجماعة، وعدم الشذوذ عنها، والخروج عليها وهي كثيرة جداً بالغة حد التواتر، ولو لم يكن فيها دلالة على أن جماعتهم على الهدى لما كان للوعيد الشديد لمن شذ عنهم أو شاقهم أو خرج على جماعتهم كبير معنى؛ لاحتمال أنه هو على الهدى ولأدى إلى التناقض.

إذا تبين هذا وهي:

المسألة الثانية: فالإجماع حجة شرعية يجب العمل به على كل مسلم، خلافاً للشيعة والخوارج والنظّام من المعتزلة" (١).

والمقصود بالشيعة أي: الإمامية، أما الزيدية فهم قائلون به، جاء في هداية العقول للحسين بن القاسم: "وهو حجة شرعية عند أكثر المسلمين خلافاً للنظام وبعض الخوارج، والإمامة، وإن حكي عنهم الوفاق على أنه حجة، فليس لكونه إجماعاً بل


(١) الأحكام للآمدي ١/ ٢٨٦، وانظر الأحكام لابن حزم ٤/ ١٢٨.

<<  <   >  >>