والعموم من صفات النطق ولا يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه، كما في جمعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين الصلاتين في السفر رواه البخاري، فإنه لا يعم السفر الطويل والقصير، فإنه إنما يقع في واحد منهما.
وكما في قضائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالشفعة للجار. رواه النسائي عن الحسن مرسلاً، فإنه لا يعم كل جار، لاحتمال خصوصية في ذلك الجار.
[الشرح والإيضاح]
العموم من عوارض الألفاظ، أي: من خصائصها؛ لأن العرب وضعت ألفاظا معينة تدل على العموم، وقد استقرأها العلماء، وتقدم الكلام عما ذكره المصنف من هذه الألفاظ قبل قليل.
وبقي هنا أن نجيب على تساؤل: هل يمكن استفادة العموم من غير الالفاظ؟
والمصنف عليه رحمة الله عقد هذا المبحث للجواب عن هذا السؤال، وخلاصة ما ذكره أن العموم لا يستفاد إلا من النطق فقط، وأنه لا عموم في الأفعال.
١_ مثاله: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة (١)، (فصلى): فعل ليس فيه ما يدل على العموم حتى يشمل صلاة الفرض والنافلة.
ولو قال صلى الله عليه وسلم ذلك بالقول، مثلا: الصلاة في الكعبة جائزة أو نحو ذلك، لعم صلاة الفرض والنفل؛ لأن أل في الصلاة من ألفاظ العموم.
وبهذا رد الشافعية على الحنفية في مسألة تجويزهم صلاة الفرض في الكعبة استدلالا
(١) جاء في الحديث أن ابن عمر سأل بلالاً رضي الله عنهما، فقال: "يا بلال، صلى رسول اله صلى الله عليه وسلم في الكعبة؟ قال: نعم .. "والحديث متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه، برقم: (١١٦٧)، واللفظ له، ومسلم في صحيحه، برقم: (١٣٢٩).