للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهذا الحديث، والحنفية لم يقولوا أن الفعل له عموم، لكن وجه الحاقهم الفرض بالنفل هو القياس أو معنى النص (١).

٢_ وأما المثال الآخر فهو حديث: (قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجار) (٢)، (وقضى) فعل في مكان معين وشخص معين، فلا يستفاد منه العموم؛ لأن الفعل له زمن معين ومكان معين، وعليه فلا يستدل بهذا الحديث على جواز الشفعة لكل جار، لعدم إفادته العموم لأنه فعل، والأفعال لا عموم لها.

وإنما يستدل به من استدل وهم الحنفية لا لعمومه، بل من جهة القياس على ذلك الجار؛ لأن لفظة الجار مشعرة بالتعليل.

تنبيه: أفعال النبي صلى الله عليه وسلم هي تشريع عام للأمة إلى يوم القيامة، وعمومها بدليل آخر لا بدلالة الفعل على العموم فإنه لا يدل، والأدلة على اتباعه والاقتداء بأفعاله كثيرة من الكتاب، والسنن، وأفعال الصحابة بلا خلاف.

إذا فالعموم في الأصل يستفاد من الألفاظ الدالة عليه. هذا هو أصل القاعدة لكن قد يستفاد العموم بمعنى النص أو علة النص، فالأول كقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣]. دخل فيه قطعاً الضرب، مع أنه ليس مشمولا باللفظ العام، لكن عمه المعنى.

وأما الثاني: فقياس النقود الورقية المعاصرة على الذهب والفضة في الربا؛ لأن العلة هي كونها قيم الأشياء، وهذه متحققة في النقود الورقية المعاصرة.


(١) شرح التلويح على التوضيح (١/ ١١٦).
(٢) مسند أحمد ط الرسالة (٢/ ٢٤٥) عن علي، وابن مسعود: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجوار "

<<  <   >  >>