للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهناك عموم المحذوفات أو المتعلقات كما تقدم قبل قليل في مسألة: (والله لا آكل)، ... فإنه لو أكل أي طعام يحنث؛ لأن هناك عموما يعم كل محذوف تقديره لا آكل أي طعام.

وفي عموم المقتضى خلاف، وكذلك عموم المشترك، والشافعي يقول بعموم المشترك نحو: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣]، فاللمس مشترك على اللمس باليد والجماع، ومن العجب أن الغزالي في المستصفى تعقّب إمامه الشافعي في هذا وغيره فقال: مسألة الاسم المشترك بين مسميين لا يمكن دعوى العموم فيه: عندنا خلافا للقاضي، والشافعي؛ لأن المشترك لم يوضع للجمع، مثاله القرء للطهر، والحيض، والجارية للسفينة، والأمة، والمشترى للكوكب وقابل البيع (١)، ثم ناقش المسألة ورجع في بعض إلى رأي الشافعي.

وليس هذا الموضع الوحيد الذي يتعقب بل في غيره، فمثلا: قال ناقدا قاعدة الشافعي الشهيرة ترك الاستفصال: "فإن قيل ترك الاستفصال مع تعارض الأحوال يدل على عموم الحكم، وهذا من كلام الشافعي قلنا: من أين ذلك؟ ولعله - عليه السلام - عرف خصوص الحال فأجاب بناء على معرفته، ولم يستفصل، فهذا تقرير عموم بالوهم المجرد." (٢)

ومفهوم المخالفة عام لكن مستفاد من جهة المعنى، وإنما الخلاف في عمومه قائم هل له عموم لفظي بناء على أن العموم للألفاظ لا المعاني أو للمعاني والألفاظ؟


(١) المستصفى (ص: ٢٤٠)، وهذا يدل أن الغزالي في الأصول مجتهد مستقل، وأما في الفروع فالمذهب يكبله، مع قدرته على أن يكون له قوله ومذهبه الفقهي، لكن سلطان العادات الجارية حينئذ شكلت خطرا كبيرا على كل من استقل بالرأي الفقهي.
(٢) المستصفى (ص: ٢٣٥).

<<  <   >  >>