للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية: شرح التعريف وبيان محترزاته وقيوده]

قوله: "الخطاب" يشمل المنطوق والمفهوم، ويخرج القياس والإجماع؛ لأنهما لا يكونان ناسخين.

وشمل الخطابُ الفعلَ، فإنه يكون ناسخاً، فإنه خطاب تقديراً (١).

ومثاله: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار".

قوله على رفع الحكم: يتناول الأمر والنهي، والأخبار التي بمعنى الأمر والنهي، أما الأخبار التي يلزم من نسخها تكذيب للمخبر، فلا نسخ فيها.

والحكم هنا متعلقه فعل المكلف، حتى لا يرد قولهم: إن الحكم قديم فكيف يرفع؟ وبالرفع خرج التخصيص والتبيين؛ لأنه لا يرفع به الحكم.

وقوله: "الثابت بالخطاب المتقدم": خرج به رفع الثابت بدون خطاب بل ثباته بالبراءة الأصلية، فالخطاب الوارد ابتداءً يرفعها ولا يسمى نسخاً، وإلا لسميت الشريعة كلها ناسخة؛ لأن أغلب الأحكام جاءت ابتداءً، هذا بالنظر الاصطلاحي المحدث في الأصول. أما النظر الشرعي فإن شريعتنا ناسخة لشرائع الأمم السابقة في كل ما ورد به النص مخالفاً لهم، ولذلك عندي أن يضاف إلى الحد "في شريعتنا"؛ لئلا يرد رفع شريعتنا لخطاب شريعة سابقة- ولم أر من تعرض لهذا- فإنه لا يسمى عندهم نسخاً بالنظر الاصطلاحي وإن كان كذلك في الحقيقة.

وقوله: "على وجه لولاه لكان ثابتاً": احتراز عما لو كان الخطاب الأول مغيا بغاية، فإنه يرتفع عند غايته، وهذا لا يسمى نسخاً؛ لأنه ليس بخطاب متأخر نحو قوله تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦]. فلا يعتبر منسوخاً بالآية الأخرى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]؛ لأن التحريم حكم مغي بغاية ينتهي بها، فالنص


(١) انظر شرح البدخشي ٢/ ٤٩٨.

<<  <   >  >>