وكذلك أحدث ابن سيرين قولاً ثالثاً في مسألة زوجة وأبوين، وزوج وأبوين، فذهب ابن عباس إلى أن لها ثلث الجميع في المسألتين، وذهب الصحابة إلى أن لها ثلث الباقي في المسألتين، وفصل ابن سيرين، فقال: بثلث المال للأم في مسألة زوجة وأبوين، وقال: بثلث الباقي للأم في مسألة زوج وأبوين، ولم ينكر عليه أحد.
وكذلك قال الصحابة: أن الجد مع الأخوة إما يسقطهم أو يقاسمهم، وجاء ابن حزم فقال: الجد ساقط بالأخوة.
وقال أحمد في مسألة قراءة الجنب للقرآن: بأن له أن يقرأ بعض الآية، مع أن الصحابة قالوا بقولين فقط هو المنع مطلقا، والجواز مطلقا، وهكذا فعل مالك، ومنهم من أجاز للحائض لا للجنب، ولم ينكر عليهم.
مسائل مشابهة لهذه المسألة نذكرها تتميما للفائدة. (١)
١_ أما إحداث تفصيل بعد قولين تقدما، أحدهما نفيا والآخر إثباتا، فهذا جائز عند الأكثر من العلماء.
٢_ وكذلك إحداث دليل آخر جائز عند الأكثر؛ لأن من سبق غير متعبد باستيعاب الأدلة في المسألة، بل يكتفي بواحد.
٣_ وكذلك إحداث تأويل آخر ليس فيه إبطال ما تقدم، جوزه الجمهور.
٤_ أما الإجماع من المتأخرين على أحد القولين أو الأقوال المتقدمة فليس إجماعا عند الجمهور؛ لأن الأقوال لا تموت بموت أصحابها كما قال الشافعي، وقال أكثر الحنفية أنه إجماع، وثمَّ أقوال أخرى.
قوله: وأن يكون كامل الآلة في الاجتهاد، عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام.
(١) انظر التحبير شرح التحرير (٤/ ١٦٤٢) وغيره مما سبق.