للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك نرى أهل الأصول يعرّفون الإيجاب أو الوجوب غير تعريفهم الواجب؛ ملاحظين هذه النكتة: ففي شرح الجلال المحلى مثلاً: "فحد الإيجاب الخطاب المقتضي للفعل اقتضاءً جازماً" (١).

وقال ابن الحاجب: "فإن كان طلباً لفعل غير كف ينتهض تركه في جميع وقته سبباً للعقاب فوجوب، والواجب الفعل المتعلق للوجوب" (٢). فهم يفسّرون الوجوب، والإيجاب بالخطاب وبالطلب، بخلاف الواجب فتراهم يفسرونه بالفعل الذي اقتضاه خطاب الشرع على اختلاف في عباراتهم، لكنها ترجع إلى هذا المعنى.

وقد صرح إمام الحرمين في البرهان بهذا فقال: "والمرضى في معنى الواجب: أنه الفعل المقتضى من الشارع الذي يلام تاركه شرعا، وإنما ذكرنا المقتضى من الشارع فإنه معنى الإيجاب " (٣). ولذلك نصوا على: "أن ما لا يتم الوجوب إلا به لا يجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" وهذا ظاهر.

والذي تلخص هنا: أن الواجب له تعريف خاص به من حيث أنه صفة فعل المكلف يذم ويمدح عليه، بخلاف الإيجاب، والوجوب فهما من جهة الحكم، والحكم صفة الحاكم فنحو قوله تعالى: {وَأَقِمْ الصَّلاةَ} [الإسراء: ٧٨] يسمى باعتبار النظر إلى نفسه التي هي صفة لله تعالى إيجاباً، ويسمى بالنظر إلى ما تعلق به، وهو فعل المكلف، وجوباً.

فهما متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، فنرى العلماء تارة يعرّفون الإيجاب، وتارة يعرفون الوجوب نظراً إلى الاعتبارين (٤).


(١) شرح الجلال مع حاشيته البناني ١/ ٨٧.
(٢) رفع الحاجب ١/ ٤٨٤.
(٣) البرهان في أصول الفقه (١/ ١٠٧) وانظر شرح الجلال مع حاشيته البناني ١/ ٨٧.
(٤) مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (١/ ٣٣٣)

<<  <   >  >>