والحاصل أن من ادعى خلو عصره عن مجتهد أو اقفال باب الاجتهاد؛ وهو بذل الوسع في الاستنباط من الكتاب والسنة يلزمه أن التعبد بالكتاب والسنة قد انقطع، ولم يبق سوى التعبد بأقوال الخلق وفهومهم.
ومن قال قد انقطع الاجتهاد: إن كان هو مقلدا فقوله باطل حتى يأتي بقول مجتهد قال بهذا،
وإن كان هو مجتهدا فقد نقض نفسه؛ لأنه قال هذا بالاجتهاد وهذا أيضا مخالف لأقوال الأئمة في عدم تقليدهم والأخذ من حيث أخذوا.
أما الحذلقة في تأويل صريح كلامهم فهو هوى أو تعصب أو تقليد.
أما تقسيم المجتهدين إلى: مستقل وهو متعذر وإلى مطلق ومقيد، فهي نفحة من نفحات التقليد وأثر من آثاره، كيف والنووي بيّن أن المستقل غير متعذر كما تقدم النقل عنه، ومن قال إن المستقل من له أصول مستقلة عن الغير فقد كذب، وراجع ما نقلناه عن النووي قبل قليل.