ثم نقل صاحب الأشباه القول بالتوقف والقول بالإباحة عن البعض، ونقل عن الهداية إن الأباحة أصل، وهكذا تجد اضطرابا في تحرير المذهب عند الحنفية فمن أطلق القول عن أبي حنيفة فلم يصب.
ومن ثم نقل صاحب التحرير من الحنفية الإجماع عن البزدوي الحنفي؛ على أن الأصل في الأموال الإباحة ما لم يظهر دليل الحرمة، ومعلوم أن الأموال ما عدا الإنسان مما يمكن تموله، وهذا يعني كل مطعوم وملبوس ومشروب ومركوب ومسكون وهلم جرا ... وهذا نص كلامه.
هذا ونقل البيضاوي أن من يقول الأصل في الأشياء الإباحة يعني في المنافع، وأما في المضار فالأصل فيها التحريم، وقال الأسنوي:"هذا بعد ورود الشرع بمقتضى أدلته، وأما قبله فالمختار الوقف، وفي أصول البزدوي بعد ورود الشرع الأموال على الإباحة بالإجماع ما لم يظهر دليل الحرمة؛ لأن الله تعالى أباحها بقوله:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩] ". (١)
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة.
قال الزركشي: وعلى هذه القاعدة يتخرّج كثير من المسائل المشكل حالها، وبه يظهر وهم من خرجها على أن الأصل في الأشياء الحل أو الإباحة.
ومنها الحيوان المشكل أمره وفيه وجهان أصحهما الحل، وذكر الرافعي في كتاب الأطعمة أن في موضع الإشكال يميل الشافعي -رحمه الله- إلى الإباحة، ويميل أبو حنيفة -رحمه الله- إلى التحريم.
ومنها النبات المجهول تسميته، قال المتولي يحرم أكله، وخالفه النووي وهو الأقرب