فقال تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥]، ولو كان بيعاً لقال: وأحل البيع وحرم بيع الربا، فلما جعله قسيما مغايرا، علمنا أنه ليس ببيع أصلا.
لذلك فهو باطل والنهي متوجّه إلى أمر خارجي لازم للعقد وهو كونه نسيئة أو تفرقاً قبل التقابض، وإنما سمي لازما؛ لأن المتعاقدين ألزما عقدهما به.
وأما ما مثل به المصنف، وهو بيع درهم بدرهمين، فالنهي فيه متجه إلى هذه الزيادة، وهي وصف خارجي في العقد لزم بإلزام المتعاقدين لعقدهما به، فأبطله الشرع لأنه ربا.
الرابع: أن يتجه النهي إلى أمر خارجي لا علاقة له بالعقد أصلاً.
وذلك كالنهي عن البيع حال نداء الجمعة، فإن النهي لأجل منع تفويت صلاة الجمعة.
ومثاله كذلك الوضوء بماء مغصوب فإن النهي عن الغصب لا عن الوضوء، فهو أمر خارجي عنه، لأنه حقيقة الغصب موجودة خارج الوضوء، ومنهي عنها عموما بلا ارتباط بينه وبين الوضوء. فلا بطلان في هذا النوع.
تنبيه: قول الشارح: في هذا النوع: "لم يدل على الفساد خلافاً لما يفهمه كلام المصنف"
يشير به إلى أن الوضوء بماء مغصوب باطل على حسب القاعدة التي قررها المصنف، وهي: أن النهي يقتضي الفساد مطلقا في العبادات.
مع أن مذهب الشافعي لا يبطلها، والتحقيق أن مذهب الشافعي التفصيل في العبادات والمعاملات، قال الزركشي: "إن كان لعينه أو لوصفه اللازم له فهو الفساد بخلاف ما لو كان لغيره سواء كان عبادة وعقداً، وهذا الذي ينبغي أن يكون مذهب