للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ثالثاً: إذا عاد النهي إلى وصف لازم اقتضى الفساد، وهذا مذهب الشافعي وأحمد ومالك. (١)

قلت: وإنما خالف الحنفية هنا فقالوا يقتضي الفساد في وصفه لا في أصله فبيع درهم بدرهمين يصحح بإسقاط الدرهم الزائد؛ لأن النهي متعلق به (٢).

رابعا: إن توجه النهي إلى المجاور أو ما يسمى بالمقارن غير اللازم.

كالنهي عن البيع وقت نداء الجمعة، والوضوء بماء مغصوب، فهذا يقتضي الفساد عند الحنابلة، ونقله في شرح التحرير عن الظاهرية والمالكية. (٣)

وإن يك الأمر عن النهي انفصل ... فالفعل بالصحة لا الأجر اتصل

وذا إلى الجمهور ذو انتساب ... وقيل بالأجر مع العقاب

وقد روى البطلان والقضاء ... وقيل ذا فقط له انتفاء

مثل الصلاة بالحرير والذهب ... أو في مكان الغصب والوضو انقلب

ومعطن ومنهج ومقبرة ... كنيسة وذي حميم مجزرة

قال الآمدي: لا خلاف أنه لا يقتضي الفساد إلا ما نقل عن مالك وأحمد. قلت:

ما نقله عن مالك هو ما نقله عنه ابن العربي في المحصول، حيث حكى أن


(١) البحر المحيط في أصول الفقه (٣/ ٣٩٧) مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (٣/ ٩٤) وما بعدها، ونشر البنود على مراقي السعود (١/ ٢٠٢) قال في المراقي مع شرحه:
وجاء في الصحيح للفساد *** إن لم يجي الدليل للسداد
بعدم النفع وزيد الخلل
يعني: أن النهي لفظيا كان أو نفسيا، تحريما كان أو تنزيها في العبادات والمعاملات، مستلزم لفساد المنهي عنه والفساد ضد الصحة لكن المراد منه هنا لازمه وهو عدم الاعتداد بالمنهي عنه إذا وقع بمعنى الفساد في العبادات وقوعها على نوع من الخلل يوجب بقاء الذمة مشغولة بها ومعناه في المعاملات عدم ترتب آثارها عليها إلا أن يتصل بها ما يقرر آثارها على أصولنا في البيع وغيره.
(٢) شرح التلويح على التوضيح (١/ ٤٢١)
(٣) مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (٣/ ٩٤)

<<  <   >  >>