أما من النكرات فلا يجوز لغة؛ لأن ما بعدها لا يدخل فيها، كقولك: جاء رجال إلا زيدا، فزيد لم يدخل بمقتضى اللغة. أو جاء قوم إلا زيدا.
لكن لو قلت جاء الرجال إلا زيدا جاز؛ لأنه معرفة وعام يدخل فيه زيد لغة.
لكن إذا كانت النكرة مفيدة أو موصوفة جاز الاستثناء منها؛ لأنها قريبة من المعرفة كما قرره بن مالك.
ومثاله اشتريت عمارة إلا الدور الأعلى منها، فهي هنا قريبة من المعرفة؛ لأنها معينة عند المتكلم.
المسألة الثالثة: أشكل معنى الاستثناء على البعض، فقالوا إن كان زيد قد دخل حقيقة فلا يمكن إخراجه بمجرد الكلام بالاستثناء، وإن كان لم يدخل فلماذا استثنيتموه أصلا؟
والجواب: أن دخوله تقديري في ذهن السامع، فإذا قلت: قام القوم فإن السامع يحكم بدخول زيد لأنه من القوم. ولكنك تريد إزالة هذا التوهم فتستثني.
وقد استشكلوا هذا في الاستثناء في العدد كذلك فقولك له على عشرة إلا ثلاثة.
فأول الكلام الإقرار بعشرة وآخره ينقضه. وقد قال بعضهم كما نقل ابن الحاجب: أن المقصود مجازي بقرينة، وإلا فالمراد بعشرة سبعة وهذا باطل؛ لأن العشرة نص كما هو معلوم فكيف يكون مجازا.
والذي عليه الكثير أن لفظ عشرة يشمل كامل العدد نصاً، وأن الاستثناء تخصيص فهو تخصيص بعد عموم.
وعلى هذا فالاستثناء مبين لغرض المتكلم به، بالمستثنى منه، فإذا قال: له علي عشرة