للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا بنية، ولا بلدة إلا بسلطان. يراد به نفي الفائدة والجدوى (١).

فتتعين هنا الصحة دون الكمال؛ لأن ما لا يصح كالعدم في عدم الجدوى بخلاف ما لا كمال فيه، هذا إن لم يثبت في مثله عرف أصلاً، فإن ثبت عرف شرعي في إطلاق الصلاة، والصيام، والنكاح ونحوها على الصحيح كان المعنى لا صلاة صحيحة، ولا صيام صحيح، ولا عمل صحيح، فالنفي لها ممكن فلا تقدير؛ فلا إجمال.

وإن ثبت عرف فيه لغوي وهو أن مثله يقصد نفي الفائدة والجدوى نحو: لا علم إلا ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد، ولا طاعة إلا لله تعين فلا إجمال (٢).

والمرجح لنفي الصحة موجود وهو قربه من نفي الذات، فإن ما انتفت صحته لا يعتد به فيكون كالمعدوم، بخلاف ما انتفى كماله فقد يعتد به (٣).

فتحصل أن هذا لا إجمال فيه، لأن:

١ - النفي متوجه إلى الذوات الشرعية أو اللغوية، وكلاهما لا إجمال فيه.

٢ - عرف الشرع تقدير الصحة فتثبت، وعرف اللغة تقدير نفي الجدوى والفائدة.

٣ - ولأن تقدير الصحة أقرب إلى نفي الذات بخلاف الكمال.

وخالف في هذه المسألة أبوبكر الباقلاني كما نسب إليه، والنقل غير صحيح عنه بل مشنع على القائل به (٤).

كما أن نسبته إلى الحنفية وهْم، (٥) فالمعتمد عندهم نفي الحقيقة الشرعية والصحة


(١) روضة الناظر ٢/ ٤٩.
(٢) شرح الغاية ٢/ ٣٥٠.
(٣) شرح المحلى على الجمع مع حاشية البناني ٢/ ٦١.
(٤) انظر التقريب والإرشاد ١/ ٣٨١.
(٥) كما نسبه إليهم في روضة الناظر ٢/ ٤٧ وغيره.

<<  <   >  >>