مثاله: أن مالكاً حمل الأمر بالمتعة على الندب لقوله تعالى في آخر الآية: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: ٢٣٦]. أي: على المتفضلين المتجملين، وما كان من باب الإجمال والإحسان فليس بواجب (١)
ويجاب عنه: بأن الآية الأخرى: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ١٨٠]. أي: واجب على كل مؤمن، فيكون لفظ المحسنين من باب التأكيد لا إثبات حكم جديد؛ دفعا للتعارض، والجواب أن التأسيس هو الأصل الظاهر أما التأكيد فهو تأويل يحتاج لدليل. والذي يرجح الوجوب على قول الجمهور أن لفظة حقا تدل على الواجب فيكون المحسنين تأكيدا.
- ظهور اللفظ في كونه عاما.
فالعام من الظاهر؛ لأن دلالته كلية على أفراده. وقد تقدم.
- ظهور اللفظ في كونه مطلقا.
فالمطلق ظاهر على ما دل عليه، فلفظ (رقبة) ظاهر في كونها مؤمنة أو غير مؤمنة. ومن قيدها بالإيمان فقد أوّله فيكون عنده من باب المؤول وقد تقدم الكلام على المطلق.
قوله:(فإن حمل اللفظ على المعنى الآخر سمي مؤولاً).
أقول كل ما تقدم الظاهر إذا حمل على مقابله بدليل فهو: المؤول، ويكون بالدليل في حكم الظاهر، فالمشترك، والمجازات، والحذف، والاضمار، والتقديم، والتأخير، والتخصيص، والتقييد كل هذه من المؤول، فإن كانت بالدليل فهي في قوة الظاهر.
وقوله: وإنما يؤول بالدليل ... هذا شرط الجواز؛ لأنه إن لم يكن بدليل فهو هوى، وكل ترجيح بغير مرجح هوى، ولا اعتبار له في الاستدلال. فإن أصر صاحبه فهو أحمق أو صاحب هوى.
(١) راجع بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٣/ ١١٧) وانظر كذلك مفتاح الوصول لابن التلمساني ٤٧٠.