للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النظريات دخلت في علم العقائد وخرجت عن علم الفقه؛ لأن الفقه هو تنزيل الأحكام الخمسة على أفعال المكلفين.

والثانية: النظر إلى هذه من جهة أنها إنشائيات متعلقة بعمل قلبي، فقولنا: الجنة والنار مخلوقتان أمرٌ خبري يتعلق به عمل هو: الإيمان بذلك فالإيمان هو عمل القلب، والمحكوم به هو: الوجوب، والحكم (ثبوت وجوب الإيمان بأن الجنة والنار مخلوقتان).

والفقه: إدراك ومعرفة ثبوت ذلك على المكلف بالأدلة التفصيلية بالاستدلال هذا هو إيضاح ما غمض في المسألة في كلام المتقدمين، فالفقه بهذا المعنى المبسط هو: معرفة ثبوت حكم شرعي من الأحكام الخمسة على فعل من أفعال المكلف فمن عرف الأحكام الشرعية وعرف اثباتها وتنزيلها على الواقع الذي هو من فعل المكلف فهو العالم الفقيه.

إذاً: فعلمك بوجوب اعتقاد أن الله واحدٌ فقه، وعلمك أن الله واحد ليس بفقه بل هو من علم الكلام فالمتكلم يثبت الوحدانية، والفقيه يثبت وجوبها هكذا قرروا كاصطلاح وإلا فالفقه الأكبر معرفة الله سبحانه.

وقال العلامة الشربيني: "والحاصل أنه من حيث أنه حكم إنشائي تعلق به الخطاب من الفقه ... ومن حيث أنه يثبت له الاعتقاد من الكلام. وقد تقرر أن الموضوع للعلمين قد يكون واحداً والاختلاف بالحيثية فليتأمل" (١).

وقال السبكي في الإبهاج: " يراد بالحكم الإنشائي لا الخبري ... وأما وجوب اعتقاد ذلك فهو حكم شرعي إنشائي" (٢).

وفي منع الموانع: المراد بالحكم الإنشائي لا الخبري، وما لا يثبت إلا بالسمع ينظر


(١) تقريرات الشربيني على البناني والجلال على الجمع ١/ ٤٤.
(٢) الإبهاج ١/ ٣٦ وسيأتي نقل كلامه. وانظر نفائس الأصول في شرح المحصول (١/ ١٢١)

<<  <   >  >>