للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما القول الثاني: فيفرق بين مرسل سعيد فيعتمده وبين غيره فلا، وهو الذي ذكره المؤلف هنا وكذلك نقله الخطيب والبيهقي، وإن كانا لم يرجحاه فقد رجحه غير واحد كالقفال، واستدل بنص الشافعي في الأم، وأراد النووي أن يتعقبه فحمل كلام الشافعي الصريح على ما تقدم من التفصيل؛ وهذا قول للشافعي منصوص في الرسالة.

وقال النووي وأما قول القفال: قال الشافعي في الرهن الصغير: مرسل سعيد عندنا حجة، فهو محمول على التفصيل الذي قدمناه عن البيهقي والخطيب والمحققين.

ثم نقل العمل به عن إبي حنيفة ومالك في المشهور عنه وأحمد وكثيرين من الفقهاء أو أكثرهم يحتج به ونقله الغزالي عن الجماهير: وقال أبو عمر بن عبد البر وغيره ولا خلاف أنه لا يجوز العمل به إذا كان مرسله غير متحرز يرسل عن غير الثقات (١).

قال في الحاوي:

ومذهب الشافعي في الجديد: أنه مرسل سعيد وغيره ليس بحجة، وإنما قال مرسل سعيد عندنا حسن لهذه الأمور التي وصفنا استئناسا بإرساله ثم اعتمادا على ما قاربه من الدليل، فيصير المرسل حينئذ مع ما قاربه حجة (٢)

قلت: والذي في الرهن الصغير:

قال: أي المناظر فكيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا، ولم تقبلوه عن غيره؟ قلنا: لا نحفظ أن ابن المسيب روى منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده, ولا آثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا ثقة معروف, فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه, ورأينا غيره يسمي المجهول ويسمي من يرغب عن الرواية عنه ويرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن بعض من لم يلحق من أصحابه المستنكر, الذي لا يوجد له شيء يسدده, ففرقنا بينهم لافتراق أحاديثهم ولم نحاب أحدا, ولكنا قلنا في ذلك بالدلالة البينة على ما وصفنا


(١) المجموع شرح المهذب (١/ ٦٠).
(٢) الحاوي الكبير (٥/ ١٥٨).

<<  <   >  >>