مثل أن يقال: العلة في الربا الوزن، ثم لا يجري الربا في الحديد وهو موزون فنقول: العلة غير صحيحة.
ومثل أن يقال: العلة من قصر الصلاة في السفر وجود المشقة، فنقول المشقة في عمال الحفريات والبناء والمناجم أشد ولا يجوز لهم قصر الصلاة.
وقوله:"فمتى انتقضت لفظاً أو معنى".
انتقاض اللفظ يتبعه انتقاض المعنى، والعكس فلا فرق. وقد استشكل الشراح هذا التقسيم لتساويهما وعدم الفرق بينهما (١).
والذي يظهر- والله أعلم - أن بينهما فرقاً وذلك أن الانتقاض اللفظي للعلة خاص بنوع من العلل هو ما يعرف عندهم بعين العلة، وهي التي لا تشترك فيها معانٍ كثيرة بل لها معنى واحد معين، بخلاف العلة المعنوية وهي ما تعرف بجنس العلة، مثل: المشقة، ودفع الحرج، والولاية.
فإن هذه العلل أجناس تشمل معانٍ متفاوتة، فالولاية مثلاً: تشمل الولاية على المال، والولاية على الصغير، والولاية على الزواج، بخلاف عين العلة مثل:(قتل عمد عدوان) فإنه لفظ واحد معين لا يعبر عنه بغيره، ولا يختلف من حيث أنه إزهاق.
بخلاف حاجة الفقير فإن الحاجات متعددة مختلفة.
وقد يعبر عنها برفع الحرج، أو المشقة، أو الكفاية أو الإغناء، ونحو ذلك فالمقصود هنا المعنى لا اللفظ وهناك اللفظ والمعنى. هذا ما يقتضيه كلامه والله أعلم.
وما ذكره المصنف فيه:
١_ أن شرط العلة هو أنه كلما وُجِدَت وُجِدَ الحكم، وهذا هو الاطراد كما سبق.
(١) انظر شرح ابن قاسم المطبوع بحاشية إرشاد الفحول ٢٢٠ - ٢٢١.