ومن شرط المفتي وهو المجتهد أن يكون عالماً بالفقه أصلاً وفرعاً، خلافاً ومذهباً، أي بمسائل الفقه، وقواعده وفروعه، وبما فيها من الخلاف، ليذهب إلى قول منه ولا يخالفه، بأن يحدث قولاً آخر، لاستلزام اتفاق من قبله بعدم ذهابهم إليه على نفيه.
وأن يكون كامل الآلة في الاجتهاد عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال الراوين للأخبار؛ ليأخذ برواية المقبول منهم دون المجروح.
وتفسير الآيات الواردة في الأحكام والأخبار الواردة فيها ليوافق ذلك في اجتهاده ولا يخالفه، وما ذكره من قوله عارفاً إلى آخره من جملة آلة الاجتهاد.
ومنها معرفته بقواعد الأصول وغير ذلك.
ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد، فيقلد المفتي في الفتيا.
فإن لم يكن الشخص من أهل التقليد بأن كان من أهل الاجتهاد، فليس له أن يستفتي كما قال، وليس للعالم أي: المجتهد أن يقلد لتمكنه من الاجتهاد.
والتقليد: قبول قول القائل بلا حجة يذكرها، فعلى هذا قبول قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يذكره من الأحكام يسمى تقليداً.
ومنهم من قال: التقليد قبول قول القائل وأنت لا تدري من أين قاله، أي لا تعلم مأخذه في ذلك.
فإن قلنا إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول بالقياس، ...
بأن يجتهد فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليداً، لاحتمال أن يكون عن اجتهاد.