وأما الاجتهاد: فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض المقصود من العلم ليحصل له.
والمجتهد إن كان كامل الآلة في الاجتهاد كما تقدم فإن اجتهد في الفروع وأصاب فله أجران على اجتهاده وإصابته.
وإن اجتهد فيها وأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده، وسيأتي دليل ذلك.
ومنهم من قال كل مجتهد في الفروع مصيب، بناءاً على أن حكم الله تعالى في حقه وحق مقلده ما أدى إليه اجتهاده.
ولا يجوز أن يقال كل مجتهد في الأصول الكلامية أي العقائد مصيب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة من النصارى في قولهم بالتثليث، والمجوس في قولهم بالأصلين للعالم النور والظلمة، والكفار في نفيهم التوحيد وبعثة الرسل والمعاد في الآخرة، والملحدين في نفيهم صفاته تعالى كالكلام وخلقه أفعال العباد وكونه مرئياً في الآخرة وغير ذلك.
(ودليل من قال ليس كل مجتهد في الفروع مصيباً قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد» وجه الدليل أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطَّأ المجتهد تارة وصوبه أخرى).
والحديث رواه الشيخان، ولفظ البخاري:(إذا اجتهد الحاكم فحكم فأصاب فله أجران وإذا حكم فأخطأ فله أجر).
(والله أعلم).
والحمد لله على نعمائه، وصلى الله على سيدنا محمد خير رسله وأنبيائه